لأن الصوم لما كان مؤثرا في ضعف شهوة النكاح شبه بالصوم. وقد يقال: إن الصوم بما فيه من عبادة في ذاته وفيما يلابسه من ترك لشهواته الحسية والمعنوية فإنه صارف عن مقارفة الشهوات أو التجانف للمآثم، وهو بما يحيط بالمرء من فيض نور الطاعة وقاية من الفحشاء أي وقاية.
(أما الأحكام) فان النكاح مشروع بالكتاب والسنة كما أوردنا من نصوصهما وقد اختلف الفقهاء في كونه واجبا أو جائزا فمذهبنا جوازه، وهو المشهور من مذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه إلا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه فيلزمه إعفاف نفسه.
وحكى عن داود أنه واجب في العمر مرة واحدة للآية والخبر. دليلنا أن الله تعالى حين أمر به علقه على الاستطابة بقوله (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) والواجب لا يقف على الاستطابة، وقال. مثنى وثلاث ورباع. ولا يجب ذلك بحال بالاتفاق.
قالت عائشة رضي الله عنها كانت مناكح أهل الجاهلية على أربعة أقسام.
(أحدها) مناكح الرايات وهو أن المرأة كانت تنصب على بابها راية لتعرف أنها عاهرة، فيأتيها الناس.
(والثاني) أن الرهط من القبيلة أو الناحية كانوا يجتمعون على وطئ امرأة لا يخالطهم غيرهم، فإذا جاءت بولد ألحق بأشبههم (الثالث) نكاح الاستخبار، وهو ان المرأة إذا أرادت أن يكون ولدها كريما بذلت نفسها لعدة من فحول القبائل ليكون ولدها كأحدهم (الرابع) النكاح الصحيح وهو الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه ولدت من نكاح لا سفاحا، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد قبل النبوة من عمها ورقة بن نوفل، وكان الذي خطبها له عمه أبو طالب وخطب فقال الحمد لله الذي جعل لنا بلدا حراما وبيتا محجوجا وجعلنا سدنته، وهذا محمد قد علمتم مكانه من العقل والنبل، وإن كان في المال قل، الا ان المال ظل زائل،