غصبه طعاما فأطعمه إياه والمغصوب لا يعلم كان متطوعا بالاطعام، وكان عليه ضمان الطعام. وإن كان المغصوب يعلم أنه طعامه فأكله فلا شئ له عليه من قبل أن سلطانه إنما كان على أخذ طعامه فقد أخذه وقال الربيع: وفيه قول آخر أنه إذا أكله عالما أو غير عالم فقد وصل إليه شيئه ولا شئ على الغاصب، إلا أن يكون نقص عمله فيه شيئا فيرجع بما نقصه العمل. قلت وإلى هذا ذهب أحمد وأصحابه (فرع) إذا نقص المغصوب نقصا غير مستقر كطعام ابتل وخيف فساده، فعليه ضمان نقصه، فللشافعي قولان (أحدهما) يضمن (والثاني) لا يضمن.
وهو قول أحد الأقوال الثلاثة عند الحنابلة (أحدها) وهو قول القاضي لا يضمن (والثاني) يضمن، وهو قول ابن قدامة (والثالث) المغصوب منه مخير بين أخذ بدله وبين تركه حتى يستقر فساده ويأخذ أرش نقصه. وقال أبو حنيفة: يتخير بين إمساكه ولا شئ له، أو تسليمه إلى الغاصب ويأخذ قيمته.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن غصب أرضا فغرس فيها غراسا أو بنى فيها بناء، فدعا صاحب الأرض إلى قلع الغراس ونقض البناء لزمه ذلك. لما روى سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس لعرق ظالم حق " فإن قلعه فقد قال في الغصب يلزمه أرش ما نقص من الأرض. وقال في البيع: إذا قلع الأحجار المستودعة، عليه تسوية الأرض فمن أصحابنا من جعلهما على قولين (أحدهما) يلزمه أرش النقص لأنه نقص بفعل مضمون، فلزمه أرشه.
(والثاني) يلزمه تسوية الأرض لان جبران النقص بالمثل أولى من جبرانه بالقيمة. ومنهم من قال: يلزمه في الغصب أرش ما نقص. وفى البيع يلزمه تسوية الأرض، لان الغاصب متعد فغلظ عليه بالأرش لأنه أوفى، والبائع غير متعد فلم يلزمه أكثر من التسوية، وإن كان الغراس لصاحب الأرض فطالبه بالقلع، فإن كان له غرض في قلعه أخذ يقلعه، لأنه قد فوت عليه بالغراس غرضا مقصودا في الأرض، فأخذ بإعادتها إلى ما كانت، وان لم يكن له غرض