والحال الثالثة: أن يتفقا على أخذ ثمن الأرض من الغاصب وتسقط المطالبة عن الغاصب الا بثمن الأرض، وليس له أن يطالب بعد الثمن بأرش النقص لو قلع لأنه لم يقلع، ولو كان صاحب الأرض باعها على أحد غير الغاصب كان للأجنبي الذي ابتاعها أن يأخذ الغاصب بقلع بنائه وغرسه، فإذا قلع لم يكن للأول أن يطالبه به لأنه عيب قد دخل أرضه، ويكون البيع سببا لسقوط الأرش عن الغاصب والحال الرابعة ألا يتفقا على أحد الأحوال الثلاثة فيؤخذ الغاصب بالقلع، لحديث سعيد بن زيد، فإذا قلع برئ من أجرة الأرض بعد قلعه، فان نقصت الأرض شيئا لم يبرأ حتى يرد ما نقصت الأرض كما قال في الغصب وأما القسم الثاني وهو أن يكون الغرس والبناء ملكا لرب الأرض فان رضى رب الأرض ان يأخذ الأرض بغرسها وبنائها فأيما أخذه فلا شئ عليه من مئونة البناء وليس للغاصب أن ينقص الغرس والبناء لأنه لا يستفيد بقلعها شيئا فصار منه ذلك سفها، وان طالب رب الأرض الغاصب بقلع الغرس والبناء لينفصلا عن الأرض فقال الماوردي: فإن كان له في ذلك غرض صحيح أجبر الغاصب على القلع ولزمه غرم نقص الغرس والبناء عما كان قبل أن غرس وبنى ونقص الأرض وإن لم يكن في قلعه غرض يصح لقاصد فهل يجبر الغاصب على قلعه أم لا؟ على وجهين (أحدهما) لا يجبر عليه لأنه عبث وسفه (والثاني) يجبر عليه لان المالك متحكم على الغاصب لتعديه، فان قيل بالأول لم يكن له الأرش، وان قيل بالوجه الثاني استحق الأرش وأما القسم الثالث وهو أن يكون الغرس والبناء مغصوبا من غير مالك الأرض فلكل واحد من رب الأرض ومالك الغرس أن يأخذ الغاصب بالقلع ثم يرجع كل واحد منهما عليه بأرش ما نقص من ملكه، فيرجع رب الأرض بما نقص من أرضه ويرجع رب الغرس بما نقص من غرسه، فلو أن رب الأرض اشترى الغرس من ربه قبل القلع صار مالكا لهما وله أن يأخذ الغاصب بالقلع إن كان في قلعه غرض صحيح ثم يأخذ منه نقص الأرض دون الشجر (فرع) قال الشافعي ولو حفر فيها بئرا وأراد الغاصب دفنها فذلك له وان لم ينفعه وهذا كما قال " إذا غصب أرضا وحفر فيها بئرا كان متعديا بحفرها وعليه شدها
(٢٦٠)