مباشرة والسبب إذا لم يكن ملجئا واجتمع مع المباشرة سقط حكمه، كما لو حفر بئرا فوقع فيها إنسان باختياره، فإن طار عقيب الفتح ففيه قولان (أحدهما) لا يضمن لأنه طار باختياره فأشبه إذا وقف بعد الفتح ثم طار.
(والثاني) يضمن لان من طبع الطائر النفور ممن قرب منه، فإذا طار عقيب الفتح كان طيرانه بنفوره منه فصار كما لو نفره (فصل) وإن وقع طائر لغيره على جدار فرماه بحجر فطار لم يضمنه، لان رميه لم يكن سببا لفواته، لأنه قد كان ممتنعا وفائتا من قبل أن يرميه، فإن طار في هواء داره فرماه فأتلفه ضمنه، لأنه لا يملك منع الطائر من هواء داره فصار كما لو رماه في غير داره (فصل) وإن فتح زقا فيه مائع فخرج ما فيه نظرت، فإن خرج في الحال ضمنه، لأنه كان محفوظا بالوكاء فتلف بحله فضمنه. وإن خرج منه شئ فابتل أسفله أو ثقل به أحد جانبيه فسقط وذهب ما فيه ضمنه، لأنه ذهب بعضه بفعله وبعضه بسبب فعله فضمنه، كما لو قطع يد رجل فمات منه، وإن فتحه ولم يخرج منه شئ ثم هبت ريح فسقط وذهب ما فيه لم يضمن، لان ذهابه لم يكن بفعله فلم يضمنه، كما لو فتح قفصا عن طائر فوقف ثم طار، أو نقب حرزا فسرق منه غيره، وان فتح زقا فيه جامد فذاب وخرج ففيه وجهان:
(أحدهما) لا يضمنه، لأنه لم يخرج عقيب الحل، فصار كما لو كان مائعا فهبت عليه الريح فسقط.
(والثاني) أنه يضمن وهو الصحيح، لان الشمس لا توجب الخروج، وإنما تذيبه والخروج بسبب فعله فضمنه كالمائع إذا خرج عقيب الفتح وإن حل زقا فيه جامد وقرب إليه آخر نارا فذاب وخرج، فقد قال بعض أصحابنا: لا ضمان على واحد منهما، لان الذي حل الوكاء لم توجد منه عند فعله جناية يضمن بها وصاحب النار لم يباشر ما يضمن فصارا كسارقين نقب أحدهما الحرز وأخرج الآخر المال، فإنه لا قطع على واحد منهما، وعندي أنه يجب الضمان على صاحب النار، لأنه باشر الاتلاف بإدناء النار فصار كما لو حفر رجل بئرا