ومثل ما ذكر في البيع يكون في الشراء فلو أمره أن يشترى شاة بعشرة فاشتراها بأحد عشرة كان عليه ضمان الفرق ولا يلزم الموكل سوى عشرة، وهذا هو تخريج أبى العباس بن سريج رحمه الله تعالى.
هذا وبقية ما ورد في هذا الفصل مضى بيانه في شرح الفصول السابقة: لان المصنف في هذا الفصل ضمنه ما ورد في بعض الفصول السابقة، وقد شرحناها والله المستعان.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) إذا اشترى الوكيل ما أذن فيه الموكل انتقل الملك إلى الموكل لأن العقد له فوقع الملك له كما لو عقده بنفسه وان اشترى ما لم يأذن فيه، فإن كان قد اشتراه بعين مال الموكل، فالعقد باطل، لأنه عقد على مال لم يؤذن في العقد عليه، فبطل كما لو باع مال غيره بغير إذنه، وإن اشتراه بثمن في الذمة نظرت، فإن لم يذكر الموكل في العقد لزمه ما اشترى، لأنه اشترى لغيره في الذمة ما لم يأذن فيه فانعقد الشراء له كما لو اشتراه من غير وكالة، وإن ذكر الموكل في العقد ففيه وجهان (أحدهما) أن العقد باطل، لأنه عقد على أنه للموكل والموكل لم يأذن فيه فبطل (والثاني) أنه يصح العقد ويلزم الوكيل ما اشتراه، وهو قول أبي إسحاق، وهو الصحيح، لأنه اشترى في الذمة ولم يصح في حق الموكل فانعقد في حقه كما لو لم يذكر الموكل.
(فصل) وإن وكله في قضاء دين لزمه أن يشهد على القضاء، لأنه مأمور بالنظر والاحتياط للموكل، ومن النظر أن يشهد عليه لئلا يرجع عليه، فإن ادعى الوكيل أنه قضاه وأنكر الغريم لم يقبل قول الوكيل على الغريم، لان الغريم لم يأتمنه على المال، فلا يقبل قوله عليه في الدفع، كالوصي إذا ادعى دفع المال إلى الصبي، وهل يضمن المال للموكل؟ ينظر فيه فإن كان في غيبة الموكل وأشهد شاهدين ثم مات الشهود أو فسقوا لم يضمن، لأنه لم يفرط، وان لم يشهد ضمن لأنه فرط.