والثاني: ما لا يجوز إعارته ولا إجارته، وهو نوعان (أحدهما) ما كان محرما.
(والثاني) ما كانت منفعته عينا، فأما المحرم الانتفاع به فالسباع والذئاب والكلاب غير المعلمة، فلا يجوز أن تعار ولا أن يؤاجر، وأما ما كانت منفعته عينا فذات الدر من المواشي كالغنم فلا يجوز أن تعار ولا تؤاجر لاختصاص العارية والإجارة بالمنافع دون الأعيان، ولكن يجوز أن تمنح قال الشافعي: والمنحة أن يدفع الرجل ناقته أو شاته إلى رجل ليحلبها ثم يردها فيكون اللبن ممنوحا. وروى الشافعي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنحة أفضل الصدقة تغدو بأجر وتروح بأجر. والقسم الثالث ما تجوز إعارته ولا تجوز إجارته كالفحول إذ إجارتها ثمن لعشبها، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن عشب الفحل والقسم الرابع ما تجوز إعارته، وفى جواز إجارته وجهان، وهو ما انتفع به من كلاب الصيد والفحول لغير العسب، وإذا صحت إعارة البهائم دون إجارتها فعلفها ومؤونتها على المالك دون المستعير والمستأجر، لان ذلك من حقوق الملك، والله تعالى أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا يجوز إعارة جارية ذات جمال لغير ذي رحم محرم، لأنه لا يأمن أن يخلو بها فيواقعها، فإن كانت قبيحة أو كبيرة لا تشتهى لم يحرم، لأنه يؤمن عليها الفساد، ولا تجوز إعارة العبد المسلم من الكافر، لأنه لا يجوز أن يخدمه. ولا تجوز إعارة الصيد من المحرم، لأنه لا يجوز له امساكه ولا التصرف فيه. ويكره أن يستعير أحد أبويه للخدمة، لأنه يكره أن يستخدمهما فكره استعارتهما لذلك.
(فصل) ولا تنعقد الا بإيجاب وقبول لأنه ايجاب حق لآدمي فلا يصح الا بالايجاب والقبول كالبيع والإجارة، وتصح بالقول من أحدهما والفعل من الآخر، فإن قال المستعير أعرني فسلمها إليه انعقد، وان قال المعير: أعرتك