أو لا ينفعه، لان له منع قليل مائه كما منع كثيره. وقال الماوردي قد ذكرنا أن الأرض والعقار يجرى عليها حكم الغصب إبراءا وضمانا، وبه قال فقهاء الحرمين والبصرة، وخالف أهل الكوفة فقال أبو حنيفة لا يجرى على الأرض حكم الغصب ولا حكم الضمان باليد. وهو قول أبى يوسف، وقال محمد بن الحسن يجرى عليها حكم الضمان باليد، ولا يجرى عليها حكم الغصب. اه. وكلام محمد يرد عليه أنه كل ما ضمن باليد ضمن بالغصب كالمنقول، على أنه ليس للتفرقة بين ضمان اليد وضمان الغصب تأثير.
فإذا صح غصب الأرض فلا يخلو حال غاصبها من أن يكون قد شغلها بغرس أو بناء أو لم يشغلها، فإن لم يكن قد شغلها بغرس ولا بناء درها وأجرة مثلها مدة غصبه، وان شغلها باحداث غرس أو بناء أخذ بقلع بناءه وغرسه ولا يجبر على أخذ قيمتها، سواء أضر قلعها بالأرض أم لا.
وقال أبو حنيفة " إن لم يضر القلع بالأرض اضرارا بينا فله القلع، ولا يجبر على أخذ القيمة، وإن كان في قلعه اضرار بالأرض فرب الأرض بالخيار بين أن يبذل له قيمة الغرس والبناء مقلوعا فيجبر على أخذها، وبين أن يأخذه بقلع الغرس والبناء فيجبر على قلعها استدلالا بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار. وبما روى مجاهد أن رجلا غصب قوما أرضا براحا فغرس فيها نخلا فرفع ذلك إلى عمر رضي الله عنه فقال لهم " ان شئتم فادفعوا إليه قيمة النخل " وروى رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من زرع أرض قوم بلا اذن منهم فليس له في الزرع شئ وله نفقته " قال ولان من دخل تملك على ملك استحق المالك إزالة ملك الداخل كالشفيع ودليلنا ما روى أنس مرفوعا " لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفسه " أخرجه الدارقطني وأحمد والحاكم والبيهقي وابن حبان. وما رواه هشام بن عروة عن أبيه أن رجلا غصب أرضا من رجلين من بنى بياضه من الأنصار فغرسها نخلا جما فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقلعه ولم يجعل لرب الأرض خيارا ولو استحق خيارا لأعلمه وحكم به. ولان يسير الغرس والبناء أشبه بأن يكون تبعا للأرض من كثيره، فلما لم يكن لرب الأرض أن يتملك يسيره فأولى أن