الاغماء يردها إلى الناظر في مال مالكها، وفى حالة الموت يردها إلى وارثه، فإن لم يفعل فقد زال الائتمان وصار ضامنا كالغاصب قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) والوديعة أمانة في يد المودع، فان تلفت من غير تفريط لم تضمن لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من أودع وديعة فلا ضمان عليه " وروى ذلك عن أبي بكر وعمر وعلى وابن مسعود وجابر رضي الله عنهم، وهو اجماع فقهاء الأمصار، ولأنه يحفظها للمالك فكانت يده كيده، ولان حفظ الوديعة معروف واحسان، فلو ضمنت من غير عدوان زهد الناس في قبولها، فيؤدى إلى قطع المعروف، فان أودعه وشرط عليه الضمان لم يصر مضمونا لأنه أمانة فلا يصير مضمونا بالشرط، كالمضمون لا يصير أمانة بالشرط.
وإن ولدت الوديعة ولدا كان الولد أمانة، لأنه لم يوجد فيه سبب يوجب الضمان لا بنفسه ولا بأمه، وهل يجوز له امساكه؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يجوز بل يجب أن يعلم صاحبه، كما لو ألقت الريح ثوبا في داره (والثاني) يجوز، لان ايداع الام ايداع لما يحدث منها.
(الشرح) حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رواه الدارقطني. وقال الحافظ ابن حجر: فيه ضعف، وأخرجه الدارقطني من طريق أخرى بلفظ " ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان " وقال الدارقطني: إنما نروي هذا عن شريح غير مرفوع. قال الحافظ ابن حجر:
في اسناده ضعيفان.
وقد روى ابن ماجة عن ابن عمرو بلفظ " من أودع وديعة فلا ضمان عليه " وفى اسناده المثنى بن الصباح وهو متروك، وتابعه ابن لهيعة فيما ذكره البيهقي.
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن حبان وصححه من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع " العارية مؤداة، والزعيم غارم "