فقبضها المستعير انعقد، لأنه إباحة للتصرف في ماله، فصح بالقول من أحدهما والفعل من الآخر، كإباحة الطعام (الشرح) هذا الفصل فيه من محاسن الاسلام في معاملة السبي، وهو ظاهرة اجتماعية عالمية جاء الاسلام لتصفيتها بالتقرب إلى الله تعالى بفك رقابها. ومن ذلك أن المرء إذا كانت عنده جارية جميلة فإنه لا يجوز اعارتها لخدمة آخر حتى لا يؤدى ذلك إلى اغرائه بأن ينزو عليها، ويسرى هذا الامر على الخادمات اللائي يغشين المنازل في زماننا هذا لأداء بعض الخدمة وإعانة ربات البيوت على بعض ما يشق عليهن، فلا يجوز إعارة مثل هؤلاء الخادمات إذا كن جميلات، كما يكره للرجل أن يتحرى أن تكون خادمته ذات جمال، كما لا يجوز للمرء أن يستخدم أباه ولا أن يستعيره لخدمته، وهذا الحكم في شكله الذي سقناه هو الملائم الآن. اه قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وإذا قبض العين ضمنها، لما روى صفوان " أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعا يوم حنين، فقال أغصبا يا محمد؟ قال بل عارية مضمونة ولأنه مال لغيره أخذه لمنفعة نفسه، لا على وجه الوثيقة، فضمنها كالمغصوب فان هلكت نظرت، فإن كان مما لا مثل له ففي ضمانها وجهان (أحدهما) يضمنها بأكثر ما كانت قيمتها من حين القبض إلى حين التلف كالمغصوب، وتصير الاجزاء تابعة للعين ان سقط ضمانها بالرد سقط ضمان الاجزاء وان وجب ضمانها بالتلف وجب ضمان الاجزاء (والثاني) أنها تضمن بقيمتها يوم التلف وهو الصحيح، لأنا لو ألزمناه قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف أوجبنا ضمان الاجزاء التالفة بالاذن، وهذا لا يجوز، ولهذا لو كانت العين باقية وقد نقصت أجزاؤها بالاستعمال لم يجب ضمانها وإن كان مما له مثل.
فإن قلنا فيما لا مثل له انه يضمن بأكثر ما كانت قيمته لزمه مثلها، وان قلنا إنه يضمن بقيمته يوم التلف ضمنها بقيمتها