فإذا تقرر ما وصفنا وأخذ الشفيع الشقص بالشفعة لم يجز أن يشرط فيه خيار الثلاث، وفى استحقاق خيار المجلس وجهان حكاهما أبو القاسم: أحدهما له خيار المجلس لأنه يوافق عقد البيع. والثاني لا خيار له لأنه يملك الشقص ملك إجبار لا عن مراضاة. والله تعالى أعلم قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن وجبت له الشفعة وهو محبوس أو مريض أو غائب نظرت فإن لم يقدر على الطلب ولا على التوكيل ولا على الاشهاد فهو على شفعته، لأنه ترك بعذر، وان قدر على التوكيل فلم يوكل ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) وهو قول القاضي أبى حامد أنه تسقط شفعته لأنه ترك الطلب مع القدرة فأشبه إذا قدر على الطلب بنفسه فترك (والثاني) وهو قول أبى على الطبري أنه لا تسقط، لان التوكيل إن كان بعوض لزمه غرم وفيه ضرر، وإن كان بغير عوض احتاج إلى التزام منه وفى تحملها مشقة وذلك عذر فلم تسقط به الشفعة ومن أصحابنا من قال: إن وجد من يتطوع بالوكالة سقطت شفعته لأنه ترك الطلب من غير ضرر، فإن لم يجد من يتطوع لم تسقط لأنه ترك للضرر، وان عجز عن التوكيل وقدر على الاشهاد فلم يشهد ففيه قولان (أحدهما) تسقط شفعته لان الترك قد يكون للزهد وقد يكون للعجز وقد قدر على أن يبين ذلك بالشهادة، فإذا لم يفعل سقطت شفعته (والثاني) لا تسقط لان عذره في الترك ظاهر فلم يحتج معه إلى الشهادة (فصل) وإن قال أخرت الطلب لأني لم أصدق، فإن كان قد أخبره عدلان سقطت شفعته لأنه أخبره من يثبت بقوله الحقوق، وان أخبره حر أو عبد أو امرأة ففيه وجهان (أحدهما) لا تسقط لأنه ليس ببينة (والثاني) تسقط لأنه أخبره من يجب تصديقه في الخبر وهذا من باب الاخبار فوجب تصديقهم فيه (فصل) فإن قال المشترى اشتريت بمائة فعفا الشفيع ثم بان أنه اشترى بخمسين فهو على شفعته لأنه عفا عن الشفعة لعذر، وهو انه لا يرضاه بمائه