ولو كان حيا وامتنع من ابتياعه لم تبطل الوكالة لجواز أن يرغب فيه من بعد، وأما إذنه ببيعه في زمان بعينه فلازم، ولا يجوز للوكيل أن يبيعه قبل ذلك الزمان ولا بعده، أما قبله فلان وقت الاذن لم يأت، وأما بعده فلبطلان الوكالة بالفوات وقد يكون للانسان غرض صحيح في استيفاء ملكه إلى زمان بعينه.
فأما إذنه في مكان بعينه - فإن كان فيه غرض صحيح لاختلاف الأسعار باختلاف الأماكن أو جودة النقود وهو شرط لازم فلا يجوز للوكيل أن يبيعه في غير ذلك المكان، فان فعل وسلمه فالبيع باطل وهو بالتسليم ضامن، فإن لم يكن في ذلك المكان غرض صحيح، ولا معنى مستفاد نظر في صفة إذنه، فإن كان قال: لا تبيعوا إلا في مكان كذا أو في سوق كذا لزم، وكان بيع الوكيل في غير ذلك المكان باطلا لصريح النهى عنه.
وإن قال: بعه في سوق كذا أو في مكان كذا، ولم يصرح بالنهي عما سواه ففي لزوم اشتراطه وجهان.
(أحدهما) أنه شرط لازم لا يجوز للوكيل أن يبيعه في غيره، لأنه أملك بأحوال إذنه.
(والوجه الثاني) أنه شرط غير لازم لفساد الغرض المقصود به، والأول أشبه والله تعالى أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وإن وكله في البيع من رجل لم يجز أن يبيع من غيره، لأنه قد يؤثر تمليكه دون غيره، فلا يكون الاذن في البيع منه إذنا في البيع من غيره، وان قال خذ مالي من فلان فمات لم يجز أن يأخذ من ورثته، لأنه قد لا يرضى أن يكون ماله عنده، ويرضى أن يكون عند ورثته، فلا يكون الاذن في الاخذ منه إذنا في الاخذ من ورثته، وإن قال: خذ مالي على فلان فمات، جاز أن يأخذ من ورثته، لأنه قصد أخذ ماله، وذلك يتناول الاخذ منه، ومن ورثته، وان وكل العدل في بيع الرهن فأتلفه رجل، فأخذت منه القيمة لم يجز له بيع القيمة، لان الاذن لم يتناول بيع القيمة.