قال المصنف رحمه الله:
(فصل) ولا تصح الوكالة إلا بالايجاب والقبول، لأنه عقد تعلق به حق كل واحد منهما فافتقر إلى الايجاب والقبول كالبيع والإجارة، ويجوز القبول على الفور وعلى التراخي.
وقال القاضي أبو حامد المروروذي: لا يجوز إلا على الفور لأنه عقد في حال الحياة فكان القبول فيه على الفور كالبيع - والمذهب الأول - لأنه إذن في التصرف، والاذن قائم ما لم يرجع فيه، فجاز القبول. ويجوز القبول بالفعل، لأنه أذن في التصرف فجاز القبول فيه بالفعل كالاذن في أكل الطعام (الشرح) الأحكام: الوكالة كأي عقد من العقود لا ينقدح في الذمة إلا بتحقق هذين الشرطين: الايجاب والقبول، لما يترتب على هذا العقد من حق كل واحد منهما.
فيشترط من الموكل أو نائبه لفظ صريح أو كناية ككتابة أو إشارة أخرس مفهمه لا لكل أحد يقتضى رضاه كوكلتك في كذا أو فوضته إليك أو أنبتك فيه أو أقمتك مقامي فيه، أو أنت وكيلي فيه كبقية العقود، إذ الشخص ممنوع من التصرف في مال غيره إلا برضاه، فلا يصح أن يقول: وكلت من أراد بيع داري ولا ينفذ تصرف أحد بهذا الاذن لفساده.
نعم لو لم يتعلق بعين الوكيل فيه غرض كوكلت من أراد في إعتاق عبدي هذا أو تزويج أمتي هذه صح على ما بحثه السبكي وأخذ منه صحة قول من لا ولى لها أذنت لكل عاقد في البلد أن يزوجني. قال الأذرعي: وهذا إن صح فمحله عند تعيينها الزوج ولم تفوض سوى صيغة العقد خاصة، وبذلك أفتى بن الصلاح، ويجرى ذلك التعميم في التوكيل، إذ لا يتعلق بعين الوكيل غرض وعليه عمل القضاة.
وقد يشترط القبول هنا لفظا، كما لو كان له عين مؤجرة أو معارة أو مغصوبة فوهبها لآخر وأذن له في قبضها فوكل من هي في يده في قبضها له، لابد من قبول لفظا لنزول يده عنها به.