ففيه وجهان (أحدهما) لا يؤخذ بقلعه، لان قلعه من غير غرس سفه وعبث (والثاني) يؤخذ به، لان المالك محكم في ملكه، والغاصب غير محكم، فوجب أن يؤخذ به.
(فصل) وان غصب أرضا وحفر فيها بئرا فطالبه صاحب الأرض بطمها لزمه طمها لان التراب ملكه، وقد نقله من موضعه فلزمه رده إلى موضعه، فإن أراد الغاصب طمها فامتنع صاحب الأرض أجبر. وقال المزني: لا يجبر كما لو غصب غزلا ونسجه لم يجبر المالك على نقضه، وهذا غير صحيح، لان له غرضا في طمها. وهو أن يسقط عنه ضمان من يقع فيها، بخلاف نقض الغزل المنسوج فإن أبرأه صاحب الأرض من ضمان من يقع فيها ففيه وجهان (أحدهما) يصح الابراء لأنه لما سقط الضمان عنه إذا أذن في حفرها سقط عنه إذا أبرأه منها.
(والثاني) أنه لا يصح، لان الابراء إنما يكون من واجب، ولم يجب بعد شئ فلم يصح الابراء.
(الشرح) حديث سعيد بن زيد رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وأعله بالارسال والنسائي، ورجح الدارقطني الارسال أيضا، وقد اختلف مع ترجيح الارسال على الصحابي الذي رواه فقيل جابر، وقيل عائشة، وقيل ابن عمر، ورجح ابن حجر الأول، وقد اختلف فيه على هشام بن عروة اختلافا كثيرا، ورواه أبو داود الطيالسي من حديث عائشة، وفى اسناده زمعة، وهو ضعيف. ورواه البخاري تعليقا أما الأحكام فقد قال الشافعي: ولو اغتصبه أرضا فغرسها نخلا أو أصولا أو بنى فيها بناء أو شق فيها أنهارا كان عليه كراء مثل الأرض بالحال الذي اغتصبه إياها، وكان على الباني والغارس أن يقلع بناءه وغرسه، فإذا قلعه ضمن ما نقص القلع الأرض حتى يرد إليه الأرض بحالها حين أخذها ويضمن القيمة بما نقصها.
قال وكذلك ذلك في النهر وفى كل شئ أحدثه فيها لا يكون له أن يثبت فيها عرقا ظالما. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس لعرق ظالم حق " ولا يكون لرب الأرض أن يملك مال الغاصب، ولم يملكه إياه كان ما يقلع الغاصب منه ينفعه