وإن كان حيوانا فعلى ضربين (أحدهما) أن يكون بهيمة (والثاني) أن يكون آدميا، فإن كان بهيمة - وهو محل اهتمامنا بالبحث دون الآخر - فإنه يردها ويرد معها نقص ما بين قيمتها سليمة وناقصة، وسواء كان النقص بجناية أو حادثة، وسواء كانت البهيمة ذات ظهر أو در.
وقال أبو حنيفة. إن كان حيوانا ينتفع به من جهة واحدة كذات ظهر لا در لها كالبغال والحمير أو ذات در لا ظهر لها كالغنم ضمنها بما نقص من قيمتها كقولنا وإن كان ينتفع بها من جهتين كظهر ودر كالإبل، وكذلك البقر والجاموس فإنهما يعملان في المحراث والساقية وجر العربات والعجلات والزحافات والنوارج كان في إحدى عينيه ربع قيمته، وفى سائر أعضائه ما نقص استدلالا بما رواه عن عمر رضي الله عنه أنه حكم في إحدى عيني بقرة بربع قيمتها، وقد رد الماوردي وغيره هذا الوجه، لان ما لم يضمن أعضاؤه بمقدر لم تضمن عينه قياسا على ذات الظهر، ولان كل ما لم يضمن بمقدر في غير ذات الظهر لم يضمن بمقدر من ذات الظهر والدر، قياسا على سائر الأعضاء، وما روى عن عمر (رض) لا دليل فيه لأنها قصه وافقت الحكومة فيها ربع القيمة.
وقال مالك إذا قطع ذنب حمار القاضي كان عليه جميع قيمته، ولو كان لغير القاضي لزمه ما نقص من قيمته استدلالا بأن في قطع ذنب حماره غضاضة على المسلمين ووهن في الدين، وحسبك بقبح هذا القول دليلا على فساده، ولو جاز أنه يجب في ذنب حماره جميع القيمة لوجب ذلك في تحريق ثيابه والتعدي في قماشه ولتضاعف الجناية عليه على الجناية على غيره، ولكان كل ما اختص به زائدا في الحكم على من سواه، وفى اتفاق الجميع على أن القاضي وغيره سواء في ضمان ما استهلك له أو جنى عليه وجب أن يكون وغيره على سواء في الجناية على حماره (فرع) صورة من نقصت العين في يده ثم زال النقص فهي كما قال الشافعي في الام هكذا. ولو غصب جارية تساوى مائة فزادت في يده بتعليم وتهذيب وأنفق عليها من ماله حتى صارت تساوى ألفا ثم نقصت حتى صارت تساوى مائه فإنه يأخذها وتسعمائة معها. قال الماوردي: وهذه المسألة مشتملة على فصلين: