لا يتملك كثيره ويتحرر من اعتلاله قياسان (أحدهما) أنه ما لم يملك بالغصب يسيره لم يملك به كثيره لمتاع (والثاني) أنه عدوان لا تملك به الأعيان المنفصلة فوجب أن لا تملك به الأعيان المتصلة. وأما حديث لا ضرر ولا ضرار فهو أن رفع الضرر مستحق ولكن ليس بتملك العين. وأما قضية عمر فمرسلة لان مجاهدا لم يلق عمر، ثم لا دليل فيها من وجهين (أحدهما) أنها قضية في عين إن لم تنقل شرعا لم تلزمه حكما (والثاني) قوله إن شئم فادفعوا قيمة النخل بعد أن طلب صاحبها ذلك. وهذا عندنا جائز. وأما قوله من زرع أرضا بغير إذنهم فليس له في الزرع شئ ففيه جوابان (أحدهما) أنه يستعمل على أنه زرع أرضهم ببذرهم (والثاني) ليس له في الزرع حق الترك والاستبقاء، بما بينه بقوله " ليس لعرق ظالم حق " فإذا ثبت هذا فلا يخلو حال الغرس والبناء من ثلاثة أقسام (أحدها) أن تكون ملكا للغاصب (والثاني) أن يكون مغصوبا من رب الأرض (والثالث) أن يكون مغصوبا من غيره فأما الأول فلرب الأرض والغاصب أربعة أحوال، أن يتفقا على ترك الغرس والبناء بأجر وبغير أجر فيجوز ما أقاما على اتفاقهما، لان الحق فيه مختص بهما، ثم ننظر فإن كان بعقد صح استحقاق المسمى فيه.
ولم يكن له الرجوع في المطالبة بالقلع قبل انقضاء المدة سواء علما قدر أجرة المثل أو لم يعلما، وإن كان بغير عقد فله أجرة المثل ما لم يصرح بالعفو عنها وأن يأخذه بالقطع متى شاء.
والحال الثانية أن يتفقا على أخذ قيمة الغرس والبناء قائما أو مقلوعا فيجوز ويكون ذلك بيعا يراعى فيه شروط البيع، لأنه عن مراضاة فإن كان على الشجر ثمر ملكه إن كان مؤبرا، ولا يلزم الغاصب أرش ما كان ينقص من الأرض لو قلع لأنه لم يقلع، فلو باع الغاصب الغرس على غير مالك الأرض فان اشتراها بشرط التبقية فالبيع باطل، وان اشتراها بشرط القلع فالبيع جائز، فإذا قلعه المشترى فأحدث به نقصا فأرشه على الغاصب وحده لترتبه على تعديه أو يشتريه مطلقا ففيه وجهان (أحدهما) باطل لاحتمال التبقية (والثاني) يجوز ويؤخذ المشترى بالقلع.