وليس ههنا بيع، وإنما يأخذ هو بعض حقه ويترك بعضه كرجل له على رجل درهم فأخذ بعضه وترك البعض.
(فصل) وإن خلطه بما دونه فإن طلب المغصوب منه صاعا منه وامتنع الغاصب أجبر على الدفع، لأنه رضى بأخذ حقه ناقصا، وإن طلب مثله من غيره وامتنع الغاصب أجبر على دفع مثله، لان المخلوط دون حقه فلا يلزمه أخذه.
ومن أصحابنا من قال: يباع الجميع ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتهما، ليصل كل واحد منهما إلى عين ماله، وإن نقص ما يخصه من الثمن عن قيمته ضمن الغاصب تمام القيمة، لأنه نقص بفعله (فصل) وان غصب شيئا فخلطه بغير جنسه أو نوعه، فإن أمكن تمييزه كالحنطة إذا اختلطت بالشعير أو الحنطة البيضاء إذا اختلطت بالحنطة السمراء، لزمه تمييزه ورده، لأنه يمكن رد العين فلزمه، وإن لم يمكن تمييزه كالزيت إذا خلطه بالشيرج لزمه صاع من مثله، لأنه تعذر رد العين بالاختلاط فعدل إلى مثله. ومن أصحابنا من قال: يباع الجميع ويقسم الثمن بينهما على قدر قيمتهما ليصل كل واحد منهما إلى عين ماله كما قلنا في القسم قبله (فصل) وإن غصب دقيقا فخلطه بدقيق له ففيه وجهان:
أحدهما: أن الدقيق له مثل. وهو قول أبى العباس وظاهر النص، لان تفاوته في النعومة والخشونة ليس بأكثر من تفاوت الحنطة في صغر الحب وكبره. فعلى هذا يكون حكمه حكم الحنطة إذا خلطها بالحنطة. وقد بيناه والثاني: أنه لا مثل له. وهو قول أبي إسحاق، لأنه يتفاوت في الخشونة والنعومة، ولهذا لا يجوز بيع بعضه ببعض، فعلى هذا اختلف أصحابنا فيما يلزمه فمنهم من قال يلزمه قيمته لأنه تعذر رده بالاختلاط ولا مثل له فوجبت القيمة ومنهم من قال يصيران شريكين فيه، فيباع ويقسم الثمن بينهما على ما ذكرناه في الزيت إذا خلطه بالشيرج