(فصل) قال الشافعي رحمه الله: ولا تجوز الشريطة إلى مدة، فمن أصحابنا من قال لا يجوز شرط المدة فيه لأنه عقد معاوضة يجوز مطلقا فبطل بالتوقيت كالبيع والنكاح، ومنهم من قال: إن عقده إلى مدة على أن لا يبيع بعدها لم يصح لان العامل يستحق البيع لأجل الربح، فإذا شرط المنع منه فقد شرط ما ينافي مقتضاه فلم يصح. وإن عقده إلى مدة على أن لا يشترى بعدها صح، لان رب المال يملك المنع من الشراء إذا شاء، فإذا شرط المنع منه فقد شرط ما يملكه بمقتضى العقد فلم يمنع صحته.
(فصل) ولا يصح إلا على التجارة في جنس يعم كالثياب والطعام والفاكهة في وقتها، فان عقده على ما لا يعم كالياقوت الأحمر والخيل البلق وما أشبهها أو على التجارة في سلعة بعينها لم يصح لان المقصود بالقراض الربح فإذا علق على ما لا يعم أو على سلعة بعينها تعذر المقصود لأنه ربما لم يتفق ذلك ولا يجوز عقده على أن لا يشترى إلا من رجل بعينه، لأنه قد لا يتفق عنده ما يربح فيه أو لا يبيع منه ما يربح فيه فيبطل المقصود (فصل) وعلى العامل أن يتولى ما جرت العادة أن يتولاه بنفسه من النشر والطي والايجاب والقبول، وقبض الثمن ووزن ما خف كالعود والمسك، لان إطلاق الاذن يحمل على العرف، والعرف في هذه الأشياء أن يتولاها بنفسه، فان استأجر من يفعل ذلك لزمه الأجرة في ماله.
فأما ما لم تجر العادة أن يتولاه بنفسه كحمل المتاع ووزن ما يثقل وزنه فلا يلزمه أن يتولاه بنفسه، وله أن يستأجر من مال القراض من يتولاه، لان العرف في هذه الأشياء أن لا يتولاه بنفسه، فان تولى ذلك بنفسه لم يستحق الأجرة لأنه تبرع به.
وإن سرق المال أو غصب فهل يخاصم السارق والغاصب؟ فيه وجهان:
(أحدهما) لا يخاصم، لان القراض معقود على التجارة فلا تدخل فيه الخصومة (والثاني) أنه يخاصم فيه لان القراض يقتضى حفظ المال والتجارة ولا يتم ذلك الا بالخصومة والمطالبة