وإن تكفل ببدنه إلى أجل مجهول فهل يصح، فيه وجهان.
(أحدهما) يصح، كما تصح العارية إلى أجل مجهول.
(والثاني) لا يصح وهو الصحيح، لأنه إثبات حق في الذمة لآدمي فلم يصح إلى أجل مجهول، كضمان المال. ويخالف العارية فإنها لا تلزم، ولهذا لو أعاره إلى مدة كان له الرجوع فيها قبل انقضائها، ولو تكفل له ببدنه إلى أجل معلوم لم تكن له المطالبة به قبل حلول الأجل، ولان العارية تجوز من غير تعيين، ولهذا لو قال: أعرتك أحد هذين الكتابين جاز، ولو قال تكفلت لك ببدن أحد هذين الرجلين لم يجز والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وتجوز الكفالة به ليسلم في مكان معين، وتجوز مطلقا، فإن أطلق وجب التسليم في موضع العقد، كما تجوز حالا ومؤجلا، وإذا أطلق وجب التسليم في حال العقد.
(الشرح) الأحكام: وتجوز الكفالة ببدن رجل ليسلمه في مكان معين; كما يصح السلم بشرط أن يسلم المسلم فيه في موضع معين، وتجوز الكفالة ببدن رجل وإن لم يذكر موضع التسليم، فعلى هذا في موضع العقد، كما تصح الكفالة بالبدن حالا ومؤجلا، وإذا أطلق اقتضى الحلول، فإذا تكفل له ببدن رجل ليسلمه إليه في موضع معين، فسلمه إليه في غير ذلك البلد لم يلزم المكفول له قبوله لان عليه مشقة في تسلمه في غير ذلك البلد، وقد يكون له غرض بتسليمه في ذلك البلد، وإن تكفل له ببدنه ليسلمه في موضع معين من البلد، بأن يقول في مجلس القاضي أو في مسجده سلمه إليه في ذلك البلد في غير ذلك الموضع المعين فهل يلزمه قبوله؟ فيه وجهان لأبي العباس بن سريج.
(أحدهما) لا يلزمه قبوله، كما لو سلمه في غير ذلك البلد.
(والثاني) يلزمه قبوله، لان العادة أنه لا مؤنة عليه في نقله من موضع في البلد إلى موضع فيه والله الموفق والمعين.