فإن لم يكن الصبغ قد أحدث زيادة تفوت باستخراج الصبغ منه ففيه وجهان حكاهما ابن أبي هريرة (أحدهما) وهو اختيار أبى حامد أنه لا يجبر على استخراجه إذا امتنع لما فيه من استهلاك ماله مع قدرة رب الثوب على الوصول إلى استيفاء حقه بالبيع. قال وهو كلام الشافعي حيث قال: إن قيل للغاصب إن شئت فاستخرج الصبغ على أنك ضامن لما نقص، وإن شئت فأنت شريك بما زاد الصبغ فحصل الخيار إليه.
والوجه الثاني وهو الأصح: أنه يجبر على أخذه لأنه عرق ظالم لا حرمة له في الاستبقاء فصار كالغرس والبناء: ويكون تخيير الشافعي له في الترك والاستخراج عند رضا رب الثوب بالترك، فعلى هذا إذا استخرجه ضمن نقص الثوب قبل الصبغ.
وأما القسم الثالث وهو أن يكون الصبغ مما يمكن استخراج بعضه، ولا يمكن استخراج بعضه فالقول فيما لا يمكن استخراجه كالقول في القسم الأول، والقول في تمكين استخراجه كالقول في القسم الثاني، فيجتمع في هذا القسم حكم القسمين الماضيين على ما بيناه تقسيما وشرحا، فهذا حكم الصبغ إذا كان للغاصب قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) فان غصب ساجا فأدخله في البناء أو خيطا فخاط به شيئا نظرت فإن عفن الساج وبلى الخيط لم يؤخذ برده لأنه صار مستهلكا فسقط رده ووجبت قيمته، وإن كان باقيا على جهته نظرت فإن كان الساج في البناء والخيط في الثوب وجب نزعه ورده، لأنه مغصوب يمكن رده فوجب رده، كما لو لم يبن عليه ولم يخط به، وإن غصب خيطا فخاط به جرح حيوان، فإن كان مباح الدم كالمرتد والخنزير والكلب العقور وجب نزعه ورده، لأنه لا حرمة له فكان كالثوب وإن كان محرم الدم، فإن كان مما لا يؤكل كالآدمي والبغل والحمار وخيف من نزعه الهلاك لم ينزع، لان حرمة الحيوان آكد من حرمة المال، ولهذا يجوز أخذ مال الغير بغير إذنه لحفظ الحيوان ولا يجوز أخذه لحفظ المال، فلا يجوز هتك حرمة الحيوان لحفظ المال.