في تركته، وكذا لو أوصى بها إلى فاسق ضمن، وقد ذهب السبكي إلى الضمان إذا تلفت بعد الموت لا قبله وكان لم يوص أو يودع كما أسلفنا، وذهب الأسنوي إلى أنه يصير ضامنا بمجرد المرض حتى لو تلفت بآفة سماوية لتفريطه في ردها، ومحل هذا كله عند التمكن منه ان بالرد أو الايداع أو الوصية، أما موت الفجاءة أو الغيلة فلا.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) وان أودع الوديعة غيره من غير ضرورة ضمنها لان المودع لم يرض بأمانة غيره، فان هلكت عند الثاني جاز لصاحبها أن يضمن الأول، لأنه سلم ما لم يكن له تسليمه، وله أن يضمن الثاني، لأنه أخذ ما لم يكن له أخذه فان ضمن الثاني نظرت، فإن كان قد علم بالحال لم يرجع بما ضمنه على الأول، لأنه دخل على أنه يضمن فلم يرجع. فإن لم يعلم ففيه وجهان.
(أحدهما) أنه يرجع لأنه دخل على أنه أمانه. فإذا ضمن رجع على من غره (والثاني) أنه لا يرجع. لأنه هلك في يده فاستقر الضمان عليه. فان ضمن الأول. فان قلنا: إن الثاني إذا ضمن يرجع على الأول - لم يرجع الأول عليه وان قلنا إنه لا يرجع رجع الأول عليه. فأما إذا استعان بغيره في حملها ووضعها في الحرز. أو سقيها أو علفها. فإنه لا يضمن. لان العادة قد جرت بالاستعانة ولأنه ما أخرجها عن يده ولا فوض حفظها إلى غيره.
(الشرح) قوله: يضمن الأول - من ضمن يضمن بتضعيف الميم لتتعدى إلى مفعولين. ومعناها ألزمه بالضمان. وقال بعض الفقهاء: الضمان مأخوذ من الضم. وهو غلط من جهة الاشتقاق. لان نون الضمان أصلية. وضمنت الشئ كذا جعلته محتويا عليه هكذا ذكر الفيومي في المصباح.
(أما الأحكام) فقد قال المزني: قال الشافعي: وإذا أودع الرجل الوديعة فاستودعها غيره ضمن ان تلفت. لان المستودع رضى بأمانته لا أمانة غيره ولم يسلطه على أن يودعها غيره. وكان متعديا ضامنا ان تلفت اه.