عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج من ثمر وزرع، وروى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: قلت لطاوس يا أبا عبد الرحمن لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها فقال: يا عمرو أخبرني أعلمهم ابن عباس أنه لم ينه عنها، ولكن قال: لان يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليها خرجا معلوما.
والدليل على فسادها ما رواه الشافعي عن ابن عمر، وروى يعلي بن حكيم عن سليمان بن يسار أن رافع بن خديج قال: كنا نخابر إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكاريها بثلث ولا ربع ولا طعام مسمى. وروى أبو خيثم عن أبي الزبير عن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لم يدع المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله، ولان الأصول التي تصح إجارتها ولا تصح المعاملة عليها ببعض كسبها، وكذا الأرض لما جازت إجارتها لم تجز المخابرة عليها فهذه دلائل الفريقين في صحة المخابرة وفسادها، ولما اقترن بدلائل الصحة عمل أهل الأمصار مع الضرورة الماسة إليها، وكان ما عارضها محتملا أن يكون جاريا على ما فسره زيد بن ثابت، وقال عبد الله بن عباس كان صحة المخابرة أولى من فسادها مع شهادة الأصول لها في المساقاة والمضاربة، ومن خلال هذا الحوار المفتوح بين المؤيدين والمعارضين تبرز حقيقة ماثلة وهي أن الأصل هو التغلب على أسباب الغبن والغرر، ثم إن ما منيت به البشرية من بلشفية ملحدة قتلت الحوافز، وكفت الإرادة، وجعلت من الانسان آلة صماء لا تعقل ليجعلنا أحوج ما نكون إلى فهم روح الشريعة السمحة.
تم الجزء الرابع عشر ويليه الجزء الخامس عشر وأوله كتاب الإجارة