ودفع فيها آخر إنسانا، وأما السارق فهو حجة عليه، لأنا أوجبنا الضمان على من أخرج المال فيجب أن يجب الضمان ههنا على صاحب النار. وأما القطع فلا يجب عليهما، لأنه لا يجب القطع إلا بهتك الحرز، والذي أخذ المال لم يهتك الحرز والضمان يجب بمجرد الاتلاف وصاحب النار قد أتلف فلزمه الضمان (فصل) وإذن فتح زقا مستعلى الرأس فاندفع ما فيه فخرج فجاء آخر فنكسه حتى تعجل خروج ما فيه، ففيه وجهان.
(أحدهما) يشتركان في ضمان ما خرج بعد التنكيس كالجارحين (والثاني) أن ما خرج بعد التنكيس يجب على الثاني كالجارح والذابح (فصل) وإن حل رباط سفينة فغرقت نظرت، فإن غرقت في الحال ضمن لأنها تلفت بفعله، وإن وقفت ثم غرقت، فإن كان بسبب حادث كريح هبت لم يضمن، لأنها غرقت بغير فعله. وان غرقت من غير سبب حادث ففيه وجهان (أحدهما) لا يضمن، كالزق إذا ثبت بعد فتحه ثم سقط (والثاني) أنه يضمن، لأن الماء أحد المتلفات.
(فصل) إذا أجج على سطحه نارا فطارت شرارة إلى دار الجار فأحرقتها، أو سقى أرضه فنزل الماء إلى أرض جاره فغرقها، فإن كان الذي فعله ما جرت به العادة لم يضمن لأنه غير متعد، وان فعل ما لم تجر به العادة بأن أجج من النار ما لا يقف على حد داره أو سقى أرضه من الماء ما لا تحتمله ضمن لأنه متعد (فصل) إذا ألقت الريح ثوبا لانسان في داره لزمه حفظه. لأنه أمانة حصلت تحت يده، فلزمه حفظها كاللقطة، فان عرف صاحبه لزمه إعلامه، فإن لم يفعل ضمنه، لأنه أمسك مال غيره بغير رضاه من غير تعريف فصار كالغاصب. وان وقع في داره طائر لم يلزمه حفظه ولا إعلام صاحبه، لأنه محفوظ بنفسه، فان دخل إلى برج في داره طائر فأغلق عليه الباب نظرت، فان نوى إمساكه على نفسه ضمنه لأنه أمسك مال غيره فضمنه كالغاصب، وان لم ينو إمساكه على نفسه لم يضمنه لأنه يملك التصرف في برجه فلا يضمن ما فيه.