وكان المبلغ الذي استدانه مما تتحقق به الاستطاعة الملكية، وجب عليه الحج، واعتبر في استطاعته أن يرجع بعد الحج إلى كفاية.
إذا قال له: اقترض لي مبلغا من المال وحج به، كان ذلك توكيلا له في الاقتراض، ولم يجب على المكلف أن يقترض المبلغ، ولكنه إذا عمل بالوكالة فاقترض المال للباذل تحققت له الاستطاعة البذلية، ووجب عليه أن يحج بالمال، وأجزاه ذلك عن حج الاسلام.
[المسألة 106:] يستفاد من ظاهر قوله سبحانه: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)، إن نفس القصد إلى البيت المعظم والسعي إليه واجب على من استطاع إليه سبيلا، فالآية الكريمة دالة على أن القصد إلى البيت واجب نفسي كبقية أعمال الحج، ولا موجب لرفع اليد عن هذا الظاهر، ولذلك فلا بد من التعبد بنفس القصد إلى البيت من حين احرام المكلف من الميقات، ولا يكفي أن يقع من المكلف على وجه ينافي التقرب، كما إذا أوقعه على وجه الحرام، أو على نحو الرياء أو السمعة، بل ولا على نحو الغفلة أو القهر.
ولا ينافي ذلك أن ينضم إلى داعي التقرب بقصد البيت داع آخر كالتجارة، وإجارة نفسه للخدمة والعمل للتكسب، على نحو يكون كل من قصد القربة والقصد الآخر داعيا مستقلا بنفسه صالحا للدعوة، ولا يكون التقرب بقصد البيت تبعيا، كسائر الضمائم التي لا تنافي القربة، وقد ذكرناها في مبحث النية من الوضوء والغسل وغيرهما من العبادات.
ولا يستفاد من الآية الكريمة أكثر من وجوب ذلك تكليفا، فلا يبطل الحج إذا كان القصد من المكلف على غير وجه القربة.