وتسمى هذه بالاستطاعة البذلية، ويسمى النوع السابق الذي تقدم ذكره في المسائل الماضية: الاستطاعة الملكية.
ولا فرق على الأقوى في حصول الاستطاعة البذلية بين أن يكون بذل المالك ماله للمكلف على سبيل التمليك له ليحج به، وأن يكون على نحو الإباحة لهذه الغاية، ولا فرق أيضا بين أن يبذل له عين الزاد والراحلة، وأن يبذل له أثمانها وأعواضها ليشتريها أو يستأجرها، ولا فرق كذلك بين أن يحصل الوثوق للمكلف ببذل الباذل وأن لا يحصل، ويستثنى من ذلك ما إذا لم يثق المكلف ببذله للمال حتى أوجب عدم الوثوق خوفا للمكلف على نفسه إذا سافر اعتمادا على مثل هذا البذل، فلا يجب عليه الحج في هذه الصورة لعدم حصول الاستطاعة في نظر العقلاء، وكذلك إذا عد السفر اعتمادا عليه تفريطا من المكلف في أمر عياله.
وإذا أوجب عدم الوثوق ببذل الباذل شكا للمكلف في بقاء الاستطاعة البذلية وعدم بقائها، ولم يوجب له خوفا على نفسه عول على الأصول والطرق التي يتبعها العقلاء في أمثال ذلك، كأصالة بقاء البذل، وأصالة بقاء المال، وأصالة السلامة، وأصالة الصحة، كما يعول على هذه الطرق والأصول إذا شك في بقاء استطاعته الملكية سواء بسواء، وإذا ظهر له خطأ هذه الطرق التي عول عليها فالمدار على الواقع في كلا الموردين، والنصوص دالة باطلاقها على وجوب الحج في جميع ذلك ما لم ينكشف الخلاف فيتبين له عدم الاستطاعة.
[المسألة 79:] إذا ملك المكلف بعض نفقة الحج وبذل له أحد بقية ما يحتاج إليه لنفسه ولعياله حتى يعود إليهم، أو بالعكس، وجب عليه الحج