[المسألة 77:] قد استبان من مجموع ما تقدم: أن الحج يجب على المكلف إذا حصلت له الاستطاعة بالفعل، ولا يجب عليه أن يحصل الاستطاعة وإن كان قادرا على أن يحصل المال باختياره، فلا يجب على ذي الصنعة والحرفة أن يعمل في صنعته وحرفته حتى يجد المال ويحج به، وإذا احترفت وامتهن فحصل بذلك على المال الكافي له وجب عليه الحج، ولا يجب على المكلف أن يتجر فيربح ويستطيع ليحج، ولكنه إذا فعل ذلك فربح واستطاع وجب عليه الحج، ولا يجب عليه أن يستدين فيملك المال ويحج به، وإذا استدان وملك المال الكافي وسهل عليه وفاء الدين استطاع بذلك ووجب عليه الحج، ولا يجب عليه أن يستوهب من الآخرين مالا ليحج به، وإذا استوهب المال فاستطاع وجب عليه الحج، وكذلك إذا وهب له أحد مبلغا فلا يجب عليه أن يقبل الهبة ويقبضها، ولكنه إذا قبل الهبة وقبض المال وحصلت له الاستطاعة وجب عليه الحج، وهكذا، والفارق بين المعنيين واضح لا خفاء فيه.
[المسألة 78:] وتحصل الاستطاعة المالية أيضا للمكلف إذا بذل له مالك المال من ماله ما يكفيه لنفقة الحج، وما يحتاج إليه في السفر ذهابا وعودا حتى يتم أعماله ويرجع إلى وطنه، وما يحتاج إليه في الانفاق على عياله وأهله حتى يعود إليهم، فإذا قال له: حج وعلي جميع هذه النفقات التي تحتاج إليها في حجك، أو قال له: بذلت لك جميع نفقاتك لتحج بها، أو عين مبلغا من المال يكفيه لجميع ذلك، وقال له: حج بهذا المال، حصلت للمكلف الاستطاعة بهذا البذل ووجب عليه الحج،