جاء في مقاتل الطالبيين عن المنذر بن جعفر العبدي عن ابنه، قال: خرجت أنا والحسن وعلي بن صالح ابنا حي، وعبد ربه بن علقمة، وجناب بن نسطاس مع عيسى بن زيد حجاجا بعد مقتل إبراهيم، وعيسى بيننا يستر نفسه في زي الجمالين، فاجتمعنا بمكة ذات ليلة في المسجد الحرام، فجعل عيسى بن زيد والحسن بن صالح يتذاكران أشياء من السيرة، فاختلف هو وعيسى في مسألة منها - وغالبا ما كانوا يختلفون - فلما كان من الغد دخل علينا عبد ربه بن علقمة فقال:
قدم عليكم الشفاء فيما اختلفتم فيه، هذا سفيان الثوري قد قدم، فقاموا بأجمعهم فخرجوا إليه، فجاؤوه وهو في المسجد جالس، فسلموا عليه. ثم سأله عيسى بن زيد عن تلك المسألة، فقال: هذه مسألة لا أقدر على الجواب عنها لأن فيها شيئا على السلطان (مع العلم إن الثوري كان من المخالفين للسلطان وكان متواريا عن الأنظار).
فقال له الحسن: إنه عيسى بن زيد، فنظر إلى خباب بن نسطاس مستثبتا.
فقال له جناب: نعم، هو عيسى بن زيد، فوثب سفيان فجلس بين يدي عيسى وعانقه وبكى بكاء شديدا واعتذر إليه مما خاطب به من الرد، ثم أجابه عن المسألة وهو يبكي. وأقبل علينا فقال: إن حب بني فاطمة والجزع لهم مما هم عليه من الخوف والقتل والتشريد ليبكي من في قلبه شئ من الأيمان.
ثم قال لعيسى: قم بأبي أنت، فاخف شخصك لا يصيبك من هؤلاء شئ نخافه، فقمنا فتفرقنا (1).
هذا والمعروف عن المهدي إنه كان يراقب حركات الشيعة، وكان قد أمر واليه على الكوفة أن يخبره عن مكان اختفاء عيسى. ولما اجتمع بعض زعماء الزيدية في بيت عيسى هجم عليهم الوالي مع عدد من جيشه، وألقى القبض على المجتمعين وبعثهم إلى المهدي، فأمر بسجنهم، وظل عيسى في السجن حتى مات.
وبذلك تتأكد لنا وحدة كلمة الطالبيين - حسنيين وحسينيين - وأن فقههم كان