الاختلاف في العقيدة وأصول التشريع، وكان أهل البيت من المعتقدين بضرورة الحفاظ على كلا الأسلوبين في مجال تبيين الأحكام والسياسة، من أجل استمرار المواجهة على مر الأيام.
وصحيح أن القيام والقعود خطان متوازيان، لكنهما يصبان في هدف واحد مشترك، وهو دوام نهج السنة النبوية الشريفة، ولهذا السبب نرى في تاريخ الشيعة تيارين حاكمين عبر جميع فترات تاريخهم، التيار الثوري الرافض، والتيار المنتظر المحافظ، ومن التيارين السالب والموجب - كما يقول علماء الفيزياء - يحدث النور، وهكذا الأمر بالنسبة للحركة، فهي لا تنتج إلا بتقديم رجل وتأخير أخرى وكلاهما ضروري للتقدم والسير. فصدور بعض النصوص عن الصادق في زيد أو غيره، لا يعني التشكيك في قيامه، بل يرجح أن يكون صدور تلك الأخبار عنه عبارة عن موقف تكتيكي اقتضته الظروف السياسية الخاصة آنذاك. ولأجل ذلك قال الرسول عن الحسن والحسين أنهما إمامان قاما أو قعدا!
وعليه، فوحدة الفكر والمذهب والمنحى السياسي بين بني الحسن والزيدية والجعفرية لا انفصام لها، إذ لو لم تكن كذلك، لما رأينا يحيى بن عبد الله بن الحسن يخاطب جعفر بن محمد الصادق ب (حبيبي).
فقد جاء في مقاتل الطالبيين:
كان يحيى يسميه (أي الصادق) حبيبي، وكان إذا حدث عنه قال: (حدثني حبيبي جعفر بن محمد) (1).
وكان الصادق قد أوصى إليه، كما أوصى إلى ابنه موسى وأم ولد كانت عنده بأمور (2).
ألا ترى أن هذه الكلمات تدل على وحدة الهدف وتقارب الفكر والاستدلال؟
وإذا لم يكونا متحدين، فكيف يولي أبو السرايا: إبراهيم بن موسى بن جعفر