الناس به سمتا وهديا، وإذا رأيت إبراهيم فلا يضرك أن لا ترى علقمة (1).
وبهذا ثبت أن نهج علقمة وابن مسعود وإبراهيم واحد، ولو قارنا الواحد منهم إلى الآخر لحصل لدينا إن إبراهيم النخعي يقول بالمسح إذ أن عبد الرزاق روى في مصنفه عن معمر عن قتادة: إن ابن مسعود قال: رجع إلى غسل القدمين في قوله: وأرجلكم إلى الكعبين (2).
وفي نقل هذا المعنى عن ابن مسعود عناية، إما أن يراد به أنه أرجع الضمير في أرجلكم إلى الغسل وكونها معطوفة على الوجوه والأيدي لا على الرؤوس حتى يمكن الاستدلال عليها في المسح، وفي هذا بحث مفصل بين الأعلام سنتعرض إليه في الفصل الثاني من هذه الدراسة إن شاء الله تعالى، ولكن المتبادر من الجملة ليس هذا.
إما أن يراد منه أن ابن مسعود رجع إلى القول بالغسل بعد أن كان يقول بالمسح. ولو صح هذا فأين قوله بالجواز حتى نقول إنه قد رجع عنها يا ترى؟!
نعم، إنها أقوال متناثرة لو قرن بعضها إلى بعض لحصلنا على النتيجة.
فقد روي عن إبراهيم النخعي كرهه الإسراف في الوضوء وعدم لزوم تخليل اللحية والدلك فيها، وكان يقول: تشديد الوضوء من الشيطان لو كان فضلا لأوثر به أصحاب محمد (ص) (3).
أو قوله: لم يكونوا يلطمون وجوههم بالماء، وكانوا أشد استبقاء للماء منكم في الوضوء، وكانوا يرون أن ربع المد يجزي من الوضوء، وكانوا أصدق ورعا وأسخى نفسا وأصدق عند البأس (4).
وفي قوله هذا تعريض بالذين يزيدون في الوضوء ويلتمسون الفضل بالغسل! وقد قال عنهم: من رغب عن المسح، فقد رغب عن السنة، ولا أعلم