منها، أنهم جوزوا رؤية كل موجود، سواء كان جسمانيا أو مجردا، فجوزوا:
رؤية الشهوة، والنفرة، والإرداة، والقدرة، والحياة، والإدراك، والبقاء، وغير ذلك من الأعراض التي لا يمكننا أن نراها، لوجود علة الرؤية وهي الوجود عندهم.
ومنها، أنهم جوزوا أن يرى الأعمى، الذي لم يخلق الله تعالى له بصرا في أول وقته وهو في المشرق، نملة صغيرة وهي بالمغرب. وهذا عين السفسطة.
ومنها، أنهم جوزوا أن يكون بين أيدينا جبال شاهقة، من الأرض إلى عنان السماء، مشرقة بالألوان النيرة، مضيئة بوقوع شعاع الشمس عليها وقت الظهيرة ولا حاجب بيننا وبينها، ولا نشاهدها، وهذا مكابرة للحس.
ومنها، أنهم جوزوا حصول أصوات هايلة تزعج العالم، ولا يسمعها القريب منها الصحيح السمع، ويسمع الأطروش (32) الذي لم يخلق له سمع من مبدأ خلقه وهو بالمشرق، أخفى صوت بالمغرب.
ومنها، أنهم جوزوا أن يحصل في بلدة عظيمة كبغداد عساكر مختلفة متحاربة بأنواع آلات الحرب، والناس بينهم يختلفون في التردد بينهم، والذهاب والعود إليهم (33)، ويماس بعضهم بعضا، ولا يسمعون أصواتهم، ولا يرون صورهم (34).