ثم أقول: وها هو الشيخ الطوسي شيخ الطائفة، قد تعرض لمثل ما تعرض له العلامة بعده، ووقع كما وقع غيره من الأكابر بضريبة المفارقات قبله.
وبالمناسبة، فمن الجميل هنا أن نذكر ما ذكره الشيخ البحراني، وهو في صدد تبيان علل تلك المفارقات، التي هي إلى حد كبير تتفق وما نعتقده، مع ملاحظة أن العظماء دائما هم في سباق مع الزمن، حين يسعون جاهدين إلى ملئ الفراغ بمآثرهم ونتاجاتهم، مع ما هم عليه من ظروف سلبية عائلية واجتماعية ضاغطة في أعلب الأحيان..، كل ذلك وأعني منهم المسلمين بالخصوص، إنما يفعلون ما يفعلون، بدافع الخدمة إلى الشريعة المقدسة، وتحقيقا لنيل رضا الرب جل وعلا.
قال البحراني: (وبالجملة، فإن الشيخ المذكور وإن كان فضله أعظم من أن تحويه السطور، إلا أنه لمزيد الاستعجال في التصنيف - والحرص على كثرة التأليف، وسعة الدائرة والاشتغال بالتدريس، والفتوى والعلم والعمل ونحو ذلك - قد وقع في هذه الأحوال الظاهرة لكل من أعطى النظر حقه في هذا المجال، جزاه الله تعالى عنا وعن الاسلام أفضل الجزاء، وألحقه بنبيه وآله صلوات الله عليهم في الدرجة العليا والمرتبة القصوى) (23).
والمتبني تحفظ لا تنزيه أريد أن أقول: ونحن في نشوة الانتصار والدفاع، عما ينسب للعلامة من اشتباهات وأخطاء، أو تسرع كما يستسيغ البعض أن يسميه، وذلك أنها على الراجح وقعت، نتيجة ضغوط مواكبة الزمن، في ملء الفراغ العلمي دينيا وحياتيا، وكون أيام العمر محدودة.