وأقول: الجنوح في مثل هكذا مفارقات شئ متوقع، ولكن، ليس على إطلاقه، هذا إذا نحن سلمنا بها.
والحلي العلامة، لا شك بأنه انسان وغير معصوم، وهو في ذلك شأنه شأن كل العظماء، في أن تنوشه الأخطاء، ولذا قيل من قديم: الجواد يكبو..
أما إذا نحن التمسنا التبرير لما وقع له - وإن كان قد أخطأ فسبحان من لا يخطأ -، فما لنا إلا أن نعزو ذلك، إلى ما كان يتمتع به رحمه الله:
من ذهنية وقادة معطاءة، وذكاء مفرط يخترق حجب الأفكار، وسعيه الحثيث لملء الفراغ.
بل، وافق سياسي ممتاز، له منه في: مواقف أبيه خير موروث أسري، واختيار خاله المحقق إياه نعم الاختيار، ليقوم بمهمة (دبلوماسية) مصيرية مذهبية، وفيما بعد مرافقة وثقة ملك، وكثير من رجال دولته المغولية، والبداية في المهمة كانت، طريقة معالجة قضية نفس الملك الطلاقية.
كل ذلك وغيره، خلق منه كاتبا مكثرا، وباحثا موسوعيا، حتى أنه كان يؤلف الكتاب تلو الكتاب، وربما كتبا عديدة في وقت واحد، وبشكل يثير الإعجاب.
تعدد الرؤى وعطفا على ما سبق، من تمتعه بجملة إمكانات، نادرا ما تتوفر لغيره.
فإنه في غالبية كتاباته، ومنها (الرسالة السعدية)، كان يقتعد في ذهنه قاعدة - وربما قواعد - عقلية أو نقلية، ليقيم كيان ذلك المكتوب على ركيزتها.
ويحدث - فيما نعتقد -، أن تتسابق وتتلاحق الرؤى عنده حيالها، لاعتبارات ومقتضيات شرعية معينة.
كأن يكون المقتضي فهما جديدا لمدرك قد غم قبلا عليه.