ومع ذلك لم تكن الحاجة ماسة بتعلم الكتابة والتدوين، ذلك لأن النبي كان حيا وكان الأصحاب يسمعون الشريعة شفاها منه ثم ينقلونها إلى بقية المسلمين...
وبعد ما مضى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ربه بدأت الحاجة إلى التدوين تظهر، بل تشتد من حسين إلى آخر، فأقبل الصحابة والتابعون وتابعو التابعين يكتبون ويدونون ما سمعوه من الرسول أو ما نقل إليهم بوسائط، ويهتمون أكثر ما يهتمون بمعرفة علوم القرآن الكريم والسنة الطاهرة.
وكانت مدونات القدماء - على الأكثر - بصورة أحاديث وروايات معنعنة ومسندة من راو إلى آخر إلى أن تنتهي الرواية إلى النبي أو أحد الأئمة عليه وعليهم الصلاة والسلام... وهكذا وضعت المؤلفات الكثيرة على طريق الرواية والحديث.
ولكن طول الزمن وبعد الشقة بين الفقهاء والمعصومين وعدم إمكان الوصول إلى مصدر الشريعة الغراء وتجدد المسائل الحديثة كل يوم... كل هذه العوامل أوجبت الركون إلى الاستنباط بمعونة القواعد المستفادة من الكتاب والسنة، فبدأ تدوين الفقه بطريق الاستدلال والاستنباط من الكتاب والسنة والعقل والإجماع.
وكان للتفنن نصيب وافر في وضع وترتيب هذه الكتب الفقهية وتنسيقها، ونلاحظ من بين تلك الفنون في تأليف كتب الفقه نوع يسمى بالأشباه والنظائر.
الأشباه والنظائر:
يقصد من الأشباه والنظائر المسائل المختلفة المتشتة الموزعة بين أبواب مختلفة من الفقه يكون بينها شبه ما، ويجمعها ذلك الشبه.