وأما الديباجة فالمظنون أن بعض تلامذة يحيى بن سعيد أو شخصا آخر استنسخ هذا الكتاب في حياة المؤلف ثم وقع الكتاب بيد شخص آخر فاستنسخه ووضع له هذه الديباجة الطويلة الموجودة على لسان المؤلف...
وقد اتفق مثل هذا في كتب القدماء كما يقال عن كتاب إعلام الورى للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفى سنة 548 و كتاب ربيع الشيعة للسيد ابن طاوس المتوفى سنة 664 ه فإنهما لن يختلفا في صلب الكتاب إلا المقدمة وبعض الاختلافات البسيطة في ترتيب الفصول.
وفي مقدمة هذا الكتاب بالذات (نزهة الناظر) نرى في النسختين المخطوطتين اللتين أثبتنا صورا منهما في آخر هذه المقدمة بعض الاختلاف حيث جاء في المخطوطتين زيادة على ما هو مذكور في النسخة المطبوعة: (من شريعة النبي الأواه محمد بن عبد الله وأحبائه ثقلي الميزان من الثواب يوم الحساب ومحو العقاب من الكتاب) ونحن نستبعد كثيرا أن تكون هذه الجمل من المؤلف الذي يرى في تعابيره السلاسة والطلاوة...
وأما ما استظهره شيخنا الشيخ آغا بزرك من أن الحلي (استحسن الكتاب فاستنسخ منه المهم وأسقط الديباجة الطويلة وما كتب اسم المؤلف لعدم علمه به) فهو بعيد للغاية، لأنه:
أولا - لا يتفق هذا الكلام مع ما رآه صاحب الرياض من عدم التفاوت بين النسختين إلا المقدمة الطويلة والقصيرة.
وثانيا - نرى الحلي في كثير من المواضع يبدي نظره الشخصي واستنتاجه واجتهاده بعد تمحيص الأحاديث والأقوال الواردة في المسألة، وبعيد جدا - بل من المستحيل - أن يأتي ببحوث الآخرين واجتهاداتهم ثم ينسبها إلى نفسه كأنها آراؤه الشخصية.