الزوجية أبدا لا تحل للأزواج إلى أن يتيقن وفاته، وفيه خلاف.
فمن قال: لا يجوز للحاكم أن يحكم بالفرقة، قال: عليها أن تنتظر أبدا حتى يأتي الزوج، فإن حكم بالفرقة لم ينفذ حكمه لأنه حكم بما لا يسوع فيه الاجتهاد، ومن قال: يجوز له أن يحكم بالفرقة، قال قوم: ينفذ حكمه في الظاهر والباطن، وهو مذهبنا وقال آخرون: ينفذ في الظاهر دون الباطن.
فمن قال: لا تقع الفرقة قال: إذا آلى أو تظاهر منها فقد صادفتها هذه الأحكام وهي زوجة فينفذ الطلاق، ويصح الإيلاء والظهار، وإن قذفها وجب عليه الحد إلا أن يسقط بالبينة أو اللعان.
ومن قال: وقعت الفرقة ظاهرا وباطنا أو في الظاهر، فعلى هذا صادفت هذه الأحكام أجنبية لا يصح طلاقه، ولا إيلاؤه ولا ظهاره، وإن قذف وجب عليه الحد أو تقيم بينة، والذي نقوله: إن هذه الأحكام إن صادفت وهي في العدة وقعت موقعها، وصحت، لأنها بعد بحكم الزوجية بدلالة أنه لو جاء لكان أملك بها، وإن صادفت بعد انقضاء العدة فقد صادفت أجنبية ويتعلق بها أحكام الأجنبيات على ما بيناه.
فإذا خرجت من العدة ثم عاد الزوج لم يكن عليها سبيل عندنا، ومن قال الفرقة لم تقع قال: هي زوجة ترد إليه بكل حال، ومن قال: تقع الفرقة في الظاهر دون الباطن، قال مثل ذلك، ومن قال: تقع في الظاهر والباطن، قال مثل ما قلناه من زوال الزوجية وتكون زوجة الثاني إن كانت تزوجت ولا ترد إلى الأول.
ومنهم من قال: إن كانت تزوجت لم ترد وإن لم تكن تزوجت ردت، وهو الأقوى عندي.
إذا حكم الحاكم بالفرقة وانقضت العدة وتزوجت ثم تبينا أن زوجها كان قد مات قبل الزوجية كان التزويج صحيحا عندنا، وعند من قال وقعت الفرقة سواء قال:
وقعت ظاهرا وباطنا أو ظاهرا دون الباطن، ومن قال: الفرقة لم تقع، اختلفوا فقال بعضهم: التزويج باطل لأنه حال ما عقده ما كان له عقده، وقال آخرون: صحيح لأنا تبينا أنه صادف حالة إباحة في الباطن، ومثله إذا باع مالا لمورثه ثم بان أنه كان في