خرج إلى صلاة الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من هذه؟ فقالت: أنا حبيبة بنت سهل، يا رسول الله لا أنا ولا ثابت، لزوجها، فلما جاء ثابت قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء الله أن يذكر، فقالت حبيبة: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: خذ منها، فأخذ منها وجلست في أهلها.
الخلع على ثلاثة أضرب: مباحان ومحظور.
فالمحظور أن يكرهها ويعضلها بغير حق لتفتدي نفسها منه، فقد مضى أن هذا خلع باطل، والعوض مردود والطلاق واقع والرجعة باقية في آخر باب القسم.
فأما المباحان، فالأول أن يخافا ألا يقيما حدود الله، مثل أن تكره المرأة زوجها لدينه أو خلقه أو نحو ذلك مما في نفسها من كراهتها له، فإذا كان في نفسها على هذه الصفة خافت ألا تقيم حدود الله عليها في حقه، وهو أن تكره الإجابة فيما هو حق له عليها، فيحل لها أن تفتدي نفسها بلا خلاف هاهنا، لقوله تعالى: " فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ".
ومن هذا القسم قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن "، فحرم الله عضل المرأة بغير حق وإحواجها بالعضل إلى أن تفتدي نفسها، فيذهب بذلك ببعض ما آتاها، ثم استثنى فقال: " إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "، وقيل: إن الفاحشة الزنى.
فدلت الآية على أنها متى زنت حل له عضلها وإحواجها بالعضل إلى أن تفتدي نفسها، وقيل: إن هذه الآية منسوخة كما نسخت آية الحبس بالفاحشة من الحبس إلى الحدود، وهي قوله " واللاتي يأتين الفاحشة " فنسخ الحبس بأن تجلد البكر مائة وتغرب عاما، وقد أباح الله الطلاق فهو قادر على إزالة الزوجية