وفيه ثلاث مسائل:
إذا ماتتا وبقى هو، أو مات هو وبقيتا، أو ماتت واحدة ثم مات هو، ثم ماتت الثانية:
فأما الأولى: إذا ماتتا وبقى هو فلا فصل بين أن تموتا معا أو واحدة بعد واحدة فإنا نقف له من تركة كل واحدة منهما ميراث زوج، لأنا لا نعلم عين الزوجة منهما، فلو وقفنا ميراث واحدة فربما وقفنا له غير ما يستحقه.
ثم نقول: بين المطلقة منهما، ولا يخلو: أن يكون الطلاق معينا أو مبهما، فإن كان معينا كلفناه الإقرار بالمطلقة والإخبار عنها، فإذا قال هذه المطلقة حكمنا بأن الطلاق وقع بها، فيكون ما وقف من تركتها لورثتها، والمسألة فيه إذا كان الطلاق بائنا، فأما إن كان رجعيا ورث الزوج بكل حال، وأما الثانية فهي زوجته ماتت على الزوجية فيكون ما وقفناه له يأخذه، فإن صدقه وارثها فلا كلام، وإن خالفوه فقالوا:
هذه التي طلقتها، فالقول قوله أنه ما طلقها لأن الأصل أنه ما طلقها، هذا إذا كان الطلاق معينا.
فأما إن كان مبهما فإذا عينه في واحدة حكمنا بطلاقها وأنها ماتت بعد البينونة، وكان له ميراث الأخرى ولا يجئ هاهنا خلاف الورثة لأن تعيين الطلاق اختيار وشهوة وليس لهم أن يعترضوا عليه فيما يختار ويؤثر.
ويفارق إذا كان الطلاق معينا لأنه إقرار بالتي طلقها، وإخبار منه عنها فلهذا صح أن يخالفوه في ذلك.
الثانية: مات الزوج أولا وبقيتا، فإنا نقف هاهنا من تركته ميراث زوجة واحدة لأنه إنما مات عن زوجة واحدة، لأن الجهل بعين الزوجة منهما ليس بجهل بأن فيهما زوجة، فإذا وقفنا فإن لم يكن له وارث قيل لهما: لا يمكن إفراد إحداكما ولا قسمته بينكما، فيقف حتى يصطلحا أو تقوم البينة، وإن كان له وارث، فإن بين فالحكم على ما مضى، وإن لم يبين فعلى قولين: أحدهما يقوم الوارث مقامه في البيان، والثاني لا يقوم وهو الأقوى عندنا، فمن قال: يقوم مقامه، كان كالمورث وقد مضى،