بإخبار عن طلاق كان منه، لأنه ما نجز الطلاق في واحدة منهما، وإنما علقه على البيان، وليس كذلك التي قبلها، لأنه أوقعه على واحدة بعينها، لكنه أشكل عليه عينها.
ثم لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يبين بالقول أو بالفعل.
فإن بين بالقول بأن قال: اخترت تعيين الطلاق في هذه، طلقت هذه وكانت الأخرى على الزوجية، ولو قال: اخترت تعيينه في هذه لا بل في هذه، طلقت الأولى دون الأخرى لأنه إنما أبهم وعليه بيانه في واحدة، فإذا عينه في واحدة لم يبق ما يعينه في الأخرى، وليس كذلك في الأولى، لأنه إذا عين الطلاق في واحدة بعينها كان بيانه إقرارا فإذا أقر بطلاق واحدة طلقت بإقراره فإذا رجع فأقر بالأخرى لم يقبل قوله فيما رجع منه وقبل قوله فيما يرجع إليه.
وإن بين بالفعل بأن يطأ واحدة منهما، قال قوم: يكون بيانا، وقال آخرون: لا يكون، كالتي قبلها، وعندنا أنها مثل الأولى سواء، والأقوى في هذه أن يجعل الوطء إيثارا ويحكم في الأخرى بالطلاق إذا كان قد نوى طلاق واحدة بعينها.
فمن قال لا يكون بيانا قال: يتوقف عنهما ولا يطأ حتى يبين وعلى الأول يطأ من شاء منهما، فإذا وطئ كان ذلك اختيارا، ومن أي وقت تعتد؟ قال قوم: من حين البيان عنه لا من حين اللفظ، لأنه إنما علق الطلاق تعليقا، فإذا عينه حكمنا بوقوعه من حين التعيين، وقال آخرون: من حين تلفظ بالطلاق، وهو الأقوى عندنا، لأن الإيقاع وقع حينئذ وإنما بقي البيان، وقال بعضهم: الطلاق من حين اللفظ، والعدة من حين التعيين.
فإذا ثبت هذا فكل موضع قلنا عليه التوقف حتى يبين فعليه النفقة إلى حصول البيان كما نقول في من أسلم وعنده عشر نسوة، فعليه أن يختار أربعا وعليه نفقة الكل إلى أن يختار.
إذا كانت له زوجتان فطلق إحديهما، فقد ذكرنا إن عين الطلاق في إحديهما ثم أشكل عليه عينهما، وإذا أبهم الطلاق ومضى، وبقى الكلام في الميراث بعد الوفاة