عليه فتوة وجلادة، وإن كان من أهل الصيانات والمروءات فالضرب والشتم إكراه في حقهم، وهذا القول أقرب وأقوى عندنا.
فأما إن كان الوعيد بنزول الضرر بالغير مثل أن يخوف بأخذ مال الغير وبضرب الغير وقتل الغير، فلا يكون إكراها إلا إذا كان ذلك الغير يجري مجراه مثل ولده و والده.
فأما من زال عقله فإن كان زواله بمرض أو جنون فطلاقه لا يقع لقوله عليه السلام: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى ينتبه، وعن المجنون حتى يفيق.
فأما السكران فلا يقع طلاقه عندنا ولا عتقه، وعندهم كالصاحي في جميع الأحكام الطلاق والعتاق والعقود والإيلاء والعبادات كلها، ولو أسلم سكران ثم أفاق فارتد استتيب فإن تاب وإلا قتل على هذا القول وفيه خلاف.
فأما من زال عقله بشرب البنج والأشياء المسكرة والمرقدة والأدوية المجننة فزال عقله، فإن كان إنما شربه تداويا فهذا معذور، والحكم فيه كالمجنون، وإن شربه متلاعبا أو قصدا ليزول عقله ويصير مجنونا وقع طلاق عندهم وعندنا لا يقع.
إذا قال له رجل: فارقت امرأتك؟ فقال: نعم، قال قوم: يلزمه في الحكم طلقة بإقراره لا بإيقاعه، وكذلك نقول نحن، فإن قال: أردت بقولي " نعم " إقرارا مني بطلاق كان مني قبل هذه الزوجية، فإن صدقته المرأة فالأمر على ما حكاه، وإن كذبته فعليه البينة، لأنه لا يتعذر ذلك، فإن لم يكن له بينة وادعى علمها بذلك فالقول قولها مع يمينها، وعندنا القول قوله على كل حال مع يمينه.
ولو قال له: فارقت امرأتك؟ فقال: قد كان بعض ذلك، رجع إليه، فإن قال:
أردت أني علقت طلاقها بمشيئتها أو بصفة، مثل قوله " إن دخلت الدار، وإن كلمت زيدا " قبل قوله، وإن أراد الإيقاع كان إيقاعا عندهم، وعندنا لا يكون إيقاعا، وإن أراد إخبارا عن طلاق كان منه، كان إقرارا منه بالطلاق وقبل منه.
فأما إن قال له: خليت امرأتك؟ فقال: نعم، لم يكن ذلك طلاقا لا عندهم ولا