وتحقق قدر ما اقتضاه استعداده من الكمال الذي أهل له بان يسر هو لتحصيله بحكم: وكل ميسر لما خلق له، سواء كان تحصيله بوجه كلي أو بوجه تفصيلي لكن موقت، لان التفصيل المؤبد مستحيل في الممكن، وهذا كماله العلمي - ولو كان نسبيا - ومن كماله العلمي ان يغلب عليه حضوره في أحواله كلها أو أكثرها، سيما أوائلها وأواخرها على الوجه الذي سلف ذكره في سر الحضور، وهو استجلاء المعلوم وما انصبغ به العلم من الاحكام والأوصاف، ومع ذلك صار مراعيا للخواطر الأول، ولكل أول في اخر واخر في أول مستلحقا لكل منهما بالآخر وضابطا لما بينهما، عارفا باحكام الخواطر انها ربانية أو ملكية أو نفسانية أو شيطانية لميزان صحيح، عاملا بمقتضى كل منهما من الاقبال والاعراض، موفيا كل ذي حق حقه، موصلا بالميزان الإلهي القرآني ظاهرا وشريعة، والايماني والاحساني باطنا وحقيقة وكشفا، كان انسانا كاملا بصيرا بنفسه، ومن عرف نفسه فقد عرف ربه.
46 - 5 وهذه مرتبة الكمال المشتملة على مراتب الاسلام والايمان والاحسان، فان ازداد معرفة تفصيلية واستيعابا للأسماء الإلهية كلها والصفات، وتحقق بالجميع فعلا وانفعالا أي تأثيرا بجهة وجوبه وتأثرا بجهة امكانه، وصار ذلك التحقق ملكة بحيث لا يحجبه نشأة ولا موطن من ذلك التحقق ولا يحجر عليه مرتبة ولا يقيده حال ولا مقام ولا غيرهما، صار حينئذ مرتقيا في درجات الأكملية، كالمنصب على الظرف بعد امتلائه، وهذه مرتبة الأكملية المشتملة على قوة استتباع الأسماء الجزئية ومظاهرها.
47 - 5 فإذا انتهى الامر به إلى التمكن من تكميل من شاء من عباد الله، وذلك إذا اتحدت ارادته بالإرادة الأولى الأصلية التي عليها مدار حال الصورة الكلية الوجودية الظاهرة ومعناها القائم بها، بحيث لا يقع في الوجود الا ما يريد عقله، وان كره بعض ذلك طبعا أو شرعا، وذلك لما يقتضيه مقام معرفته التفصيلية وحقائق الأسماء الذاتية وفروع فروع الأسماء الإلهية والربوبية الفاعلة والكونية القابلة على استعداداتها المتفاوتة، كان السيد الأفضل والامام الأعظم الأكمل، الحائز بمرتبة الخلافة والاستخلاف والجمع بينهما والجمع