901 - 4 ولما انقضى من مدة حركة هذا الفلك (1) ثلاث وستون الف سنة مما تعدون، خلق الله تعالى الدار الآخرة الجنة والنار اللتين أعدهما لعباده السعداء والأشقياء، وكان بين خلق الدنيا وخلق الآخرة تسعة آلاف سنة مما تعدون، ولتأخر خلقها (2) سميت آخرة والأولى دنيا (3)، ولم يجعل للآخرة منتهى، فلها البقاء الدائم، وجعل سقف الجنة هذا الفلك وهو العرش، والقصد الثاني من الكل وجود الانسان والقصد الأول معرفة الحق وعبادته التي لها خلق العالم كلها، فما من شئ الا وهو يسبح بحمده. ولما وصل الوقت المعين في علمه لإيجاد هذه الخليفة بعد ان مضى من عمر الدنيا سبع عشر الف سنة ومن عمر الآخرة الذي لا نهاية له في الدوام ثمان آلاف سنة، أمر الله تعالى بعض ملائكته ان يأتيه بقبضة من كل أجناس تربة الأرض - كما علم في الحديث - فاتاه بها وخمرها الله بيديه وجمع فيه الأضداد، وذلك في دولة السنبلة.
902 - 4 ثم الجسوم الانسانية التي هي أربعة أنواع: جسم آدم وجسم حواء وجسم عيسى وأجسام بني آدم، اختلفت في المبدأ مع الاجتماع في الصورة الانسانية والروحانية، لئلا يتوهم الضعيف العقل ان القدرة الإلهية أو الحقائق لا تعطى هذه النشأة الانسانية الا عن سبب واحد، ليعلم ان الله على كل شئ قدير، وقد جمع الله تعالى الأربعة في قوله: يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر - يريد حواء - وأنثى (13 - الحجرات) يريد عيسى، ومن مجموع الذكر والأنثى يريد بني آدم بطريق النكاح والتوالد، فهذه الآية من جوامع الكلم.
فليس ذلك لذات السبب، بل راجع إلى فاعل مختار يفعل ما يشاء كيف يشاء من غير تحجير، فتبارك الله أحسن الخالقين (14 - المؤمنون).