مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ٤٤
86 - 2 إذا تقرر هذا فنقول: العلم الإلهي الشرعي المسمى علم الحقائق، هو العلم بالله الحق تعالى من حيث ارتباطه بالخلق وانتشاء العالم منه بحسب الطاقة البشرية، إذ منه (1) ما يتعذر معرفته كما فيما فيه حيرة الكمل، فموضوعه الخصيص به وجود الحق سبحانه من حيث الارتباطين - لا من حيث هو - لأنه من تلك الحيثية غنى عن العالمين لا تناوله إشارة (2) عقلية أو وهمية، فلا عبارة عنه، فكيف يبحث عنه أو عن أحواله وكذا عن كل حقيقة من حقائقه في الحقيقة؟
87 - 2 فان قلت: ليس وجود الحق من حيث هو - أو مطلقا (3) - حتى عن قيد الاطلاق إشارة إليه وعبارة عنه؟
88 - 2 قلت: نعم قد لكن المنفى الإشارة إلى حقيقته، وهذا سلب الغير عنه، كذا قيل.
والتحقيق ان المنفى الإشارة إليه ما دام مطلقا ومعتبرا من حيث هو، والإشارة في الجملة ومن حيث تعينها الوصفي لا ينافيه، وقد عرف في أن المجهول المطلق يمتنع الحكم عليه، وفي ان المعدوم المطلق - أعني ذهنا وخارجا - قسيم للآخرين.
89 - 2 ومباديه التي يتضح بها الارتباطان بأحد الوجهين السالفين (4)، أمهات الحقائق (5) وأصولها اللازمة وجود الحق وتسمى أسماء الذات (6) وسيفسر بأنها الأسماء العامة الحكم

(1) - أي من علم الحقائق - ش (2) - لان الإشارة تنال التعينات وهو بذاته لا تعين له - ش - لا يتناوله إشارة - ل (3) - أي من حيث الذات والحقيقة الغير المتعينة - ق (4) - أي طور الكشف للكمل أو التحقيق التفصيلي كما في نظر العارفين من الأبرار من خلف حجاب الآثار - ش - السابقين - ل (5) - قوله: أمهات الحقائق: وانما كانت أمهات الحقائق مبادى، لان كلا من الحقائق المركبة ومن مظاهرها الروحانية أو المثالية أو الجسمانية من لوازمها وآثارها ومن المعلوم ان معرفة الآثار بالمؤثر طريق (لمى) واما معرفة المؤثر بالأثر فطريق فكري (انى) والأول هو حظ المقربين الكمل والثاني هو حظ العارفين من الأبرار (ف) (6) - هذه الحقائق اللازمة لوجود الحق لكمال حيطتها قديمة في القديم محدثة في الحادث متناهية من وجه. أقول: انما سميت أسماء الذات لكمال مناسبتها للذات بكمال الحيطة وعموم الحكم كما سيصرح الشيخ: فما كان عام الحكم... إلى اخره. ولا يخفى ان التعبير بلفظ الجمع كأسماء الذات وأمهات الحقائق وبلفظ اللازمة يشعر باعتبار الامتياز النسبي، على أن كونها مبادى يدل دلالة ظاهرة على ما ذكرت، لان مبدئية الحق والتأبد والفعل الايجادي ونحو ذلك انما يصح ويضاف إلى الحق باعتبار التعين الأول المتعقل والنسبة العلمية الذاتية، لكن من حيث امتيازه النسبي لا الحقيقي، لا من حيث إنها صفة قائمة بالحق، إذ لا يقول به محقق موحد، ولا من حيث إنها عين الذات، إذ لا يعقل من تلك الحيثية نسبة يعبر عنها بالعلم أو غيره، ولا كثرة وجودية أو اعتبارية، وهذه النسبة العلمية مقام الوحدانية التالية للأحدية التالية المجهول، كذا في النصوص - ق
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست