فان قلت فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من ترك النكاح مخافة العيال فليس منا " قلت فالعزل كترك النكاح. وقوله ليس منا أي ليس موافقا لنا على سنتنا وطريقتنا وسنتنا فعل الأفضل.
فان قلت: فقد قال ابن عباس: العزل هو الوأد الأصغر فان الممنوع وجوده به هو الموؤودة الصغرى قلنا: هذا قياس منه لدافع الوجود على قطعة وهو قياس ضعيف وكذلك أنكره عليه علي رضي الله عنه لما سمعه قال: لا تكون مؤودة الا بعد سبع وتلا الآية * (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) *.
ثم تلا قوله تعالى: * (وإذا الموؤدة سئلت) *. وإذا نظرت إلى ما قدمنا في طريق القياس والاعتبار ظهر لك تفاوت منصب علي وابن عباس رضي الله عنهما في الغوص على المعاني ودرك العلوم. (وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه أيضا إباحة العزل وانه ليس كالمؤودة حتى تمر عليه الأطوار السبعة. وذكر ذلك ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم).
وفي المتفق عليه في الصحيحين عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل " وفي لفظ آخر " كنا نعزل فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا ". وفيه أيضا عن جابر انه قال: ان رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ان لي جارية خادمتنا وساقيتنا في النخل وانا أطوف عليها وأكره أن تحمل. فقال عليه الصلاة والسلام: اعزل عنها ان شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها. فلبث الرجل ما شاء الله ثم أتاه. فقال إن الجارية قد حملت فقال " قد قلت سيأتيها ما قدر لها ".
رأي الشيخ يوسف القرضاوي " في العزل وتنظيم النسل " (من كتاب الحلال والحرام) " لا ريب أن بقاء النوع الانساني من أول أغراض الزواج أو هو أولها.
وبقاء النوع انما يكون بدوام التناسل. وقد حبب الاسلام في كثرة النسل وبارك