ورجلاه مضمومتان إلى قدميه.. ووجه إلى ظهر أمه.. وهذا من العناية الإلهية أن أجلسه هذه الجلسة في المكان الضيق في الرحم على هذا الشكل.. فإنه إذا خرج أول ما يخرج منه رأسه.. لان الرأس إذا خرج أولا كان خروج سائر أعضائه سهلا.. ولو خرج على غير هذا الوجه لكان فيه تعويق وعسر.. فان الرجلين لو خرجتا معا انعاق خروج الباقي.. وان خرجت الرجل الواحدة أولا انعاق عند الثانية.. وان خرجتا معا انعاق عند اليدين.. وان خرجت الرجلان واليدان انعاق عند الرأس فكان يلتوي إلى خلف وتلتوي السرة إلى العنق فيألم الرحم ويصعب الخروج ويؤدي إلى مرضه وتلفه.. " (1).
ولن تجد حتى في كتب فن الولادة أصدق وأدق وأبرع من هذه العبارة فهي تمثل الولادة الطبيعية بنزول الرأس أولا.. (وقبوة الرأس على وجه الخصوص).. ووجه الجنين إلى ظهر أمه.. ثم يتعرض للولادات المختلفة من نزول المقعدة أو الرجل أو الرجلين أو دوران الوجه إلى الامام.. أو التواء السرة.. ويصف ذلك وصفا دقيقا بارعا كأنه طبيب مولد وليس فقيها عاش في القرن الثامن الهجري (توفي ابن القيم عام 751 ه).
آلام الطلق:
إن آلام الطلق: ربما فاقت أي ألم آخر.. ولكن لا تكاد المرأة تنتهي من ولادة حتى تستعد لولادة أخرى.. ولا يكاد الطفل يخرج إلى الدنيا ويلامس جسمه جسمها حتى يفتر ثغرها عن ابتسامة متعبة..
وفي الماضي كانت الولادة عملية شديدة الخطورة.. وتنتهي بعض حالاتها بوفاة الام أو وفاة الجنين أو وفاتهما معا..
كما كانت حمى النفاس منتشرة بين الوالدات..
ولكن بحمد الله وفضله ثم بفضل التقدم العلمي الكبير فان الطب الحديث والتعقيم أدى إلى خفض مضاعفات الحمل والولادة إلى حد كبير..