فقد استعد بالفرش والطنافس.. وأحضر الغذاء والدماء وبنى هيكلا عظيما ثم يقال لا فائدة من هذا البناء.. ولا جدوى من هذا الاستعداد والعناء.. لا شك أنه يغضب ويحزن ويحتدم في نفسه صراع قوي فيقوم بهدم البناء وطرده إلى الخارج مع الدم الأسود المحترق..
وإذا استعملنا العبارات العلمية الجافة للتعبير عن هذه الحقيقة فإننا نجد ان هرمون البروجسترون يقل فجأة عندما يعلم المبيض ان لا حمل هناك فيتوقف عن افراز هرمون الحمل.. فإذا قلت كمية هذا الهرمون في الدم انقبضت الأوعية الدموية المغذية لغشاء الرحم انقباضا شديدا حتى لتمنع عنه التغذية منعا باتا.. فيذوي الغشاء ويتفتت ما تحته من أوعية دموية فيخرج منها الدم المحتقن.. أسود أكمد وينزل دم الحيض محتويا على قطع من الغشاء المبطن للرحم مفتتة.
ويتجلط الدم في الرحم ثم تسلط عليه مواد مذيبة لهذه الجلطة وأليافها بواسطة خميرة (انزيم) تدعى مذيب الليفين.. والليفين هو اصطلاح الأطباء المحدثين للألياف التي تتكون في الجلطة الدموية.. وينزل لذلك دم الحيض لا يتجلط ولو بقي سنينا طوالا.. ذلك لأنه قد سبق تجلطه في الرحم ثم أذيبت الجلطة بفعل تلك الخميرة..
الحيض والاستحاضة:
اعتنى الاسلام عناية فائقة في التفريق بين دم الحيض ودم الاستحاضة.. لما يترتب على التفريق بينهما من أحكام فالحائض لا تصلي ولا تصوم ولا تطوف ولا تقرأ القرآن ولا تلبث في المسجد ولا توطأ.. والمستحاضة تفعل ذلك جميعه مع اختلاف بعضهم في الوطئ (الجماع) فقد منعه بعضهم كالنخعي والحكم وقال الإمام أحمد: لا يأتيها زوجها إلا أن يطول ذلك بها.. أما أغلب الفقهاء فعلى اباحته مطلقا.. وقد روي عن ابن عباس انه قال " الصلاة أعظم " فإذا سمح للمستحاضة أن تصلي فالصلاة أعظم من الوطئ.
وقد كانت مجموعة من النساء تستحاض على زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهن