3) " ان أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة. ثم يكون علقة مثل ذلك.. ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وعمله وشقي أم سعيد ".
مما تقدم من روايات الحديث الذي رواه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود نجد اختلافا طفيفا في ألفاظ الحديث.. وهو ما يتوقع حدوثه لدى رواية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم رغم الضبط الشديد والعناية التامة بحفظ الحديث الشريف.. فأحاديث المصطفى صلوات الله عليه لم يكتب منها مباشرة الا القليل.. وأما أغلب الأحاديث ومنها هذا الحديث فقد مضت عشرات السنين قبل أن يكتب وتناقله الحفظة الثقات جيلا بعد جيل حتى جيل البخاري رحمهم الله جميعا في المائة الثانية.. فكتبه الامام البخاري في صحيحه..
وهذا الاختلاف الطفيف في الألفاظ يؤدي إلى الاختلاف في الفهم..
فرواية الإمام مسلم والروايتين الأوليين للبخاري لم تذكر النطفة قط.. وانما ذكرت هذه الروايات ان الخلق يجمع كله في بطن الام في أربعين يوما.. ثم يفصل الحديث ما يحدث في هذه الأربعين.. وهذا بالضبط ما ذهب إليه ابن القيم عندما قال كما ذكرناه عنه قبل قليل " فيأذن الله لملك الرحم في عقده وطبخه أربعين يوما.. وفي تلك الأربعين يجمع خلقه " وبعد أن يذكر تفصيل ما يحدث في الأربعين إلى أن ينفصل الرأس عن المنكبين بحيث يظهر للحس يقول " فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم يجمع خلقه في أربعين يوما... وفيه تفصيل ما أجمل فيه ".
ومعنى أن فيه تفصيل ما أجمل فيه أن مرحلة النطفة والعلقة والمضغة تندرج جميعا في الأربعين الذي يجمع فيه الخلق..
وذلك ما يذكره الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (كتاب القدر) عن جماعة من الشراح المتأخرين الذين يرون " فيكون قوله فيكتب معطوفا على قوله يجمع... وأما قوله ثم يكون علقة مثل ذلك فهو من تمام الكلام الأول وليس المراد أن الكتابة لا تقع الا عند انتهاء الأطوار الثلاثة.. فيحمل على أنه