والمراقبة الدائمة للنبي (صلى الله عليه وآله)، والعلم التام بالشرع المأخوذ عن صاحب الرسالة.. كل ذلك هو الموجب للعدالة التي بها يتهيأ لنا سبيل الاقتداء المؤدي إلى الهداية الحقة.
لقد حذر النبي (صلى الله عليه وآله) من الفتن والاختلافات، وبحكم حرص النبي (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين ورحمته بهم وإرادة النجاة والسلامة لهم.. لا بد أن يكون قد بين لهم طريق النجاة من تلك الفتن والاختلافات، وأوضح لهم سبيل المؤمنين، فكيف بين النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك للمؤمنين؟...
علينا أن نبين ذلك عاجلا إن شاء الله.
غير أن حديث الاقتداء بكافة الصحابة - بعد ظهور بطلانه من خلال بحث مطابقة الحديث لواقع الصحابة - حديث باطل عند كثير من علماء المسلمين. والألباني قد أورد في كتابه (سلسلة الأحاديث الضعيفة) كل روايات هذا الحديث، وأثبت بطلانها.
أما الإمام الغزالي، فيقول: " فإن من يجوز عليه الغلط والسهو ولم تثبت عصمته عنه فلا حجة في قوله، فكيف يحتج بقولهم عم جواز الخطأ، وكيف تدعى عصمتهم من غير حجة متواترة؟ وكيف تتصور عصمة قوم يجوز عليهم الاختلاف؟ وكيف يختلف المعصومان؟ وكيف وقد اتفقت الصحابة على جواز مخالفة الصحابي؟... " إلى قوله: " فانتفاء الدليل على العصمة، ووقوع الاختلاف بينهم، وتصريحهم بجواز مخالفتهم، فيه ثلاثة أدلة قاطعة " (1).
وعليه فحديث " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم "، وأي حديث آخر يأمر باتباع كافة الصحابة دون شرط، فهو حديث لا يستقيم ولا يصح، لمخالفته واقع الصحابة، إذ لا يتسق وتلك الأخطاء والاختلافات الني وقعت بينهم، لأن متابعة المختلفين في المسألة المختلف فيها متابعة على السواء محال، واتباع أحدهما هو مخالفة للآخر ولازم ذلك اعتبار خطأه ومتابعة البعض الآخر، لاعتقادهم بوقوفه على الحق، يستوجب الدليل على ذلك، وتكون هذه متابعة للدليل لا للشخص ذاته.
يقول الألباني: " قال ابن حزم:... إن هذه الرواية لا تثبت أصلا، بل لا شك أنها مكذوبة، لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه (ص): (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي