رغم عدم عصمتهم ورغم حتمية وقوعهم في الخطأ والاختلاف.
الثانية: أن يكون اتباع سنتهم هو اتباع لسنة النبي (صلى الله عليه وآله)، بل دون أن تكون لهم سنة غير سنته (صلى الله عليه وآله)، بل هم تابعون له.
وفي هذا الحال تكون عبارة " وسنة الخلفاء " زائدة لا معنى لها، ويكون بالتالي قد أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) باتباع سنته وحدها، دون ذكر اتباع القرآن. وليس هذا معهودا من النبي (صلى الله عليه وآله) إذ أنه كان دائما يقدم القرآن سواء على السنة أو العترة، فضلا عن خلو الحديث من الإشارة إليه خلوا تاما.
ثم إنه لو قيل إن ذكر اتباع الخلفاء لحرصهم على اتباع سنة النبي (صلى الله عليه وآله)، لا لأنهم ينفردون بسنة خاصة.
قلنا: فما هو السبب في تخصيص الاتباع بهم؟ هل كان سائر الصحابة مخالفين للنبي (صلى الله عليه وآله) في سنته أو بعضها؟ وأين حديث: " أصحابي كالنجوم... "؟ أليس هذا وحده كافيا لإبطال حديث الخلفاء؟
وفي الحقيقة أن هذا الحديث بهذه الدلالة التي فهمها منه أتباع الخلفاء الأربعة - باعتباره دليلا على اتباع سنتهم وحجية أقوالهم - لا يمكن أن يكون وسيلة للنجاة من الاختلاف كما أريد له، أو وسيلة لمعرفة الفرقة الناجية، وسلامة عند ظهور البدع والمحدثات. والباحث عن الفرقة الناجية في دلالة ومعاني هذا الحديث - طبقا لهذا التفسير - لا ينتهي ببحثه إلا إلى مفترق الطرق، ولا يزداد به إلا حيرة في الوصول إلى الفرقة الناجية هذه، وذلك للتناقض بين ما يفيده مفهوم الحديث كدليل يفهم منه الأمر باتباع الخلفاء الأربعة وبين المدلول عليه، وهو واقع حال الخلفاء الأربعة فيما بينهم.
فالحديث كان وعظا وعهدا ووصية من النبي (صلى الله عليه وآله) في آخر أيامه إلى أصحابه، حذرهم فيه مغبة الاختلاف ومحدثات الأمور، غير أننا سنرى أن الخلفاء أنفسهم لم ينجوا من هذا الاختلاف والوقوع في المحدثات، فخالف بعضهم بعضا، وكاد بعضهم أن يقتل بعضا. لقد اختلف الإمام علي مع أبي بكر وعمر في مسألة الخلافة، فادعى الإمام علي أن الخلافة حق له، وأن أبا بكر يعلم ذلك وأنه أخذ حقا ليس له، يقول الإمام علي: