وإلغاؤه!
ولقد أغلق النبي (صلى الله عليه وآله) باب الاجتهاد في إلغاء أو تغيير شئ في متعة الحج، فبعد أن أعلن النبي (صلى الله عليه وآله) متعة الحج في حجة الوداع أمام ما يربو على مائة ألف مسلم، قام سراقة بن مالك فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا التمتع أم للأبد؟ فشبك أصابعه الشريفة وقال: " دخلت العمرة في الحج، دخلت العمرة في الحج لأبد الأبد " (1).
فهل يجوز بعد هذا لأبي حفص أو غيره أن يجتهد ويمنع متعة الحج؟! ولكن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لهم قبل ذلك: " لا أدري ما تحدثون بعدي "، فإنها دلائل النبوة.
فها نحن قد شهدنا أن حديث الخلفاء يحذر المؤمنين من الاختلاف ويأمرهم باتباع الخلفاء الأربعة، لأن في ذلك نجاتهم من الشقاق والاختلاف وسلامة لهم من محدثات الأمور والبدع، ولكن رأينا أبا بكر ومن نحا نحوه قد أخبرهم النبي (صلى الله عليه وآله) بارتكاب الإحداث والتغيير، وشاهدنا الخلفاء أنفسهم وقعوا في مغبة الاختلاف فاختلفوا فيما بينهم، كما رأينا ما حدث من اختلاف بين أبي بكر وعمر من ناحية والإمام علي (عليه السلام) من ناحية أخرى في مسألة الخلافة، وشاهدنا مثالا للاختلاف بين الإمام علي (عليه السلام) وعثمان بن عفان في سنة النبي الأكرم، ورأينا كيف عمد عمر بن الخطاب إلى إلغاء سنة النبي (صلى الله عليه وآله) التي سنها إلى الأبد.
فهذا الاختلاف الذي نشأ بين الخلفاء أدى إلى نفس المخاوف التي من أجلها وعظ النبي (صلى الله عليه وآله) أصحابه بالحديث المذكور الذي فيه الأمر باتباع الأربعة، فلقد حدث الاختلاف ووقع الإحداث ووقع الناس فيه، فكيف يبين الرسول (صلى الله عليه وآله) سبيل النجاة والسلامة من الاختلاف والإحداث باتباع الخلفاء فيقعون هم أنفسهم فيما فرض أن نجاة الناس منه هؤلاء الخلفاء؟! فما دامت أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) وحيا فالوحي لا يخطئ، مما يوضح أن هذا الحديث موضوع على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) ومقول عليه.
فالرسول (صلى الله عليه وآله) لم يكن يمنع المسلمين من الاختلاف ويحذرهم إياه ويأمرهم باتباع الخلفاء الأربعة للنجاة منه ويرى وقوع الاختلاف بين الخلفاء ولا يرى له خطرا. والحق