لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) (١). فماذا حدث يوم أحد؟ يقول القرطبي: " قد فر الناس يوم أحد، وعفا الله عنهم " (٢). ولقد خاطبهم الله تعالى بقوله: " إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم " (٣). وقيل كان يناديهم النبي (صلى الله عليه وآله): " إلي عباد الله (٤)، من كر فله الجنة " دون أن تحين منهم التفاتة.
وأما غزوة حنين فقد لاذ فيها أغلب الناس بالفرار، وقال لهم تعالى: ﴿ثم وليتم مدبرين﴾ (5). يقول الواقدي في فرار الصحابة: " فقالت أم الحارث: فمر بي عمر بن الخطاب فقلت له:
يا عمر، ما هذا؟ فقال عمر: أمر الله " (6)!
إن فرار الصحابة عن بعض ساحات المعارك أمر أثبته التاريخ وحفظه القرآن آيات تتلى. وفي غزوة أحد يقول الطبري: " وتفرق عنه أصحابه، ودخل بعضهم المدينة، وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها " (7). فكيف بهذه الصحبة التي لا تمنع صاحبها من ارتكاب خطأ كهذا وقد حصلوا فيها على العدالة؟! وكيف تكون تلك العدالة وقد تركوا نبيهم في تلك المعارك عرضة لسيوف الحاقدين من المشركين، وبه قد نالوا تلك الصحبة؟! ولولا بعض الصحابة العدول حقا لانطفأ نور الإسلام، ولكن أتمه الله بهم إذ وقفوا إلى جنب النبي (صلى الله عليه وآله) يصدون عنه كل خطر، ويحمونه بأبدانهم، ويفدونه بأرواحهم رضي الله عنهم.
ويقول: قد كان الناس انهزموا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى بعضهم إلى المنقى دون الأعوص. وفر عثمان بن عفان وعقبة بن عثمان وسعد بن عثمان... حتى بلغوا الجلعب جبلا بناحية المدينة مما يلي الأعوص، فأقاموا به ثلاثا... قال لهم رسول الله: لما عادوا "