والاختلاف، غضب (ص) فقال: قوموا " (1).
إذا، فعمر لم يقل في رده على النبي صلى الله عليه وآله: إن النبي قد غلب عليه الوجع، وإنما قال كلمة تحمل هذا المعنى مع احتوائها على معان أخر.. فما هي تلك الكلمة التي أحجم يراع الرواة عن إثباتها على صفحات القرطاس؟!
يروي البخاري في صحيحه، عن ابن عباس أنه قال: " يوم الخميس، وما يوم الخميس؟! ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال: اشتد برسول الله (ص) وجعه يوم الخميس، فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع - فقالوا: هجر رسول الله (ص)!
قال (ص): دعوني! فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه!
وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، (قال): ونسيت الثالثة " (2)!
فالشئ الواضح في تلك الأحاديث أن المبادر بالرد على رسول الله صلى الله عليه وآله اطرادا هو عمر بن الخطاب، والناس تبع له فيما يقول.. وهذا واضح في عبارة " ومنهم من يقول ما قال عمر "، وعبارة " ومن قائل ما قال عمر " فعمر إذا، هو المبادر إلى الرد على رسول الله الكريم، والناس إنما نسجوا على منواله.
ثم كانت الكلمة التي استعاض عنها الرواة بذكر معناها، وهي هجر رسول الله، حيث أوردها البخاري في الحديث الأخير، ولكنه عبر عنها بما قاله الناس، مع علمنا بأن الناس كانوا يقولون ويرددون ما كان يقوله عمر.
إذا، فالذي قال في البدء ونسج الناس على منواله هو عمر بن الخطاب لا غير.
إن صحة هذه الحادثة وهذه الرزية مما لا شك فيه ولا يشوبها الريب. ثم إن فظاعة الواقعة جعلت القوم يبذلون المهج عبثا في الحصول على تفسير لائق يدفع تهمة الرد .